فوق (١)
أصله من العلو ، يقال : فاق الشيء غيره ؛ إذا علاه ، وهو فائق.
وله في القرآن ثمانية مواضع :
الأول : بمعنى دون ؛ قال بعض المفسرين : (بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [سورة البقرة آية : ٢٦] قالوا : فما دونها ؛ كأنه قال : فما فوقها في الصغر.
وقال المبرد : (فَما فَوْقَها) أي : فما يتجاوزها ؛ فحق هذا أن ينظر إلى الغاية المطلوبة فيجعل فوق من ناحيتها. فإذا قيل : فلان فوق فلان في اللوم ؛ فمعناه أنه يتجاوزه فيه ، فالمطلوب هاهنا الصغير ؛ وكأنه قال : بعوضة فما يتجاوزها صغرا.
__________________
(١) (ف وق): (فوق) من ظروف المكان نقيض تحت يقال زيد فوق السّطح والعمامة فوق الرّأس وعليه قوله تعالى (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) وقد استعير بمعنى الزّيادة فقيل هذا فوق ذلك أي زائد عليه والعشرة فوق التّسعة (ومنه) (بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) أي فما زاد عليها في الصّغر أو الكبر (وعليه) قوله عزوجل (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) وهي في كلتا الآيتين في موضعها ولم يذكر أحد من المحقّقين أنّها صلة ومن المشتقّ منها (فاق النّاس) إذا فضلهم (وهو فائق في العلم والغنى) وقسم غنائم خيبر عن (فواق) أي صادرا عن سرعة يعني قسّمها سريعا وتمام التّحقيق في المعرب. [المغرب : الفاء مع الواو].
وعند ابن فارس (ف وق) : الفاء والواو والقاف أصلان صحيحان ، يدلّ أحدهما على علوّ ، والآخر على أوبة ورجوع.
فالأوّل الفوق ، وهو العلوّ. ويقال : فلان فاق أصحابه يفوقهم ، إذا علاهم وأمر فائق ، أي مرتفع عال.
وأمّا الآخر ففواق النّاقة ، وهو رجوع اللّبن في ضرعها بعد الحلب. تقول : ما أقام عنده إلّا فواق ناقة. واسم المجتمع من الدّرّ : فيقة ، والأصل فيه الواو. قال الأعشى :
حتّى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت |
|
جاءت لترضع شقّ النفس لو رضعا |
وفي بعض الحديث في ذكر القرآن : " أتفوّقه تفوّق اللّقوح" معناه لا أقرأ جزئي مرّة واحدة لكن شيئا بعد شيء. شبّهه بفواق الدّرّة. يقال فواق وفواق قال الله تعالى : (ما لَها مِنْ فَواقٍ)[ص ١٥] ، أي ما لها من رجوع ولا مثنويّة ولا ارتداد. وقال غيره : ما لها من نظرة. والمعنيان قريبان. ويقولون : أفاق السّكران يفيق ، وذلك من أوبة عقله إليه. والأفاويق : ما اجتمع من الماء في السّحاب.
ومن الباب الفوق : فوق السّهم ، وسمّي لأنّ الوتر يجعل كأنّه قد ردّ فيه ، والجمع أفواق. ويقولون : فقىّ ، وهو مقلوب. ويقال سهم أفوق ، إذا انكسر فوقه.
وممّا شذّ عن هذين الأصلين قولهم : هو يفوق بنفسه. وهذا من باب الإبدال وإنما أصله يسوق ، والفاء بدل من السين ، وذلك إذا جاد بنفسه.