الأخذ (١)
أصله : الجمع ، ومنه يقال للموضع الذي يجتمع فيه ماء السماء : الأخذ ، والجمع إخاذ ، ويقال له : وخذ أيضا ، ويقال : ولي على الشأم وما أخذ إخذه ؛ أي : اجتمع مع أعماله. ومآخذ الطير : مصائدها ؛ لأنها تجتمع فيها ، والاتخاذ : أخذ الشيء لأمر يستمر.
واستعمل في القرآن على ستة أوجه :
أولها : القبول ، قال الله تعالى : (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ) [سورة المائدة آية : ٤١]. أي : اقبلوه. وقوله : (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) [سورة التوبة آية : ١٠٤]. أي : يقبلها ، ومعنى قبوله لها إثابته عليها. وقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [سورة الأنعام آية : ٧٠]. أي : لا يقبل منها فدية ، والعدل : الفدية ، وسنذكره إن شاء الله.
ومثله قوله : (خُذِ الْعَفْوَ)(٢) [سورة الأعراف آية ١٩٩]. أي : اقبل الفضل من أموالهم.
__________________
(١) الفرق بين الاخذ والاتخاذ : أن الاخذ مصدر أخذت بيدي ويستعار فيقال أخذه بلسانه إذا تكلم فيه بمكروه ، وجاء بمعنى العذاب في قوله تعالى" (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ)" وقوله تعالى" (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ)" وأصله في العربية الجمع ومنه قيل للغدير وخذ وأخذ جعلت الهمزة واوا والجمع وخاذ واخاذ ، والاتخاذ أخذ الشئ لامر يستمر فيه مثل الدار يتخذها مسكنا والدابة يتخذها قعدة ، ويكون الاتخاذ التسمية والحكم ومنه قوله تعالى" (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً)" أي سموها بذلك وحكموا لها به [الفروق اللغوية : ١ / ٢٩].
(٢) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :
فقال بعضهم : تأويله : (خُذِ الْعَفْوَ) من أخلاق الناس ، وهو الفضل وما لا يجهدهم. ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم ، عن مجاهد ، في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ) قال : من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تحسس.
حدثنا يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ) قال : عفو أخلاق الناس ، وعفو أمورهم.
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه في قوله : (خُذِ الْعَفْوَ) ، .. الآية. قال عروة : أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ابن الزبير قال : ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) ، الآية.