القضاء (١)
الحتم ، ومنه أصله ، قيل القاضي لأنه يحتم على الناس الأمور ، ثم قيل : لكل شيء الحتمة ، وفرغت منه قد قضيته ، قال أبو ذؤيب :
وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السّوابع تبع |
وذلك أن من عمل عملا وفرغ منه فقد حتمه وقطعه ، والقضاء تأدية الفرض ، ومنه قضاء الدين ، وحد القضاء في اللغة فصل الأمر وإبرامه وبلوغ آخره على التمام والإحكام ، ومنه قوله للموت : قضاء الله لأنه آخر أمر الدنيا ، ومنه قوله : (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) [سورة الحاقة آية : ٢٧] ، ومنه التقضي والانقضاء.
وهو في القرآن على اثنى عشر وجها :
الأول : الأمر ، قال الله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [سورة الإسراء آية : ٢٢] ، أي : أمر أن نعبد الله وحده ، وفي هذا بطلان قول من يقول : أنه قضى أن نعبد الشيطان ، وقيل : فرض ، وهو قريب من الأول ، ولا يقال قضاء إلا فيما كان لازما من الفروض ؛ فأما النوافل فلا يقال فيها القضاء.
الثاني : بمعنى العلم ، قال الله : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) [سورة القصص آية : ٤٤] ، أي : أعلمناه ، وإذا قلت : قضيت إليك ، فهو بمعنى العلم ، وقضيت عليك بمعنى الحكم ، ومثله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [سورة الحجر آية : ٦٦] ، ثم فسر ما الأمر ، وقال : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [سورة الحجر آية : ٦٦] ، كأنه قال : وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع ، ومثله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) [سورة الإسراء آية : ٤] ، أي : أعلمناهم ذلك ، ويجوز
__________________
(١) (ق ض ي): (قضى) القاضي له عليه بذلك قضاء وقاضيته حاكمته (وفي حديث) الحديبية وقاضاهم على أن يعود أي صالحهم (وقاضي) الحرمين هو أبو الحسين تلميذ الكرخيّ وأبي طاهر الدّبّاس هكذا في كتاب الفقهاء واسم القاضي في الخنثى عامر بن الظّرب العدوانيّ وقصّته مستقصاة في المعرب (وقضيت) دينه وتقاضيته ديني وبديني واستقضيته طلبت قضاءه واقتضيت منه حقّي أخذته. [المغرب : القاف مع الضاد].