القائم
أصل القيام الاستواء ومنه ، قام الشيء لاستوائه منتصبا ، وقومه سواه ، وقاومه استوى معه في القول أو الخصومة ، وقامت السوق لاستوائها في البيع والشراء ، وأقام أرزاق الجند ؛ إذا أجراها على استواء ، وأقام الوزن سواه وعدله ، وقوم الثوب إذا ذكر ما يساويه من الثمن ، وأقام بالمكان يرجع إلى هذا.
والقائم في القرآن على وجهين :
الأول : بمعنى المديم للفعل ، قال الله : (قائِماً بِالْقِسْطِ)(١) [سورة آل عمران آية : ١٨] ، أي : مديم لفعله ، والقسط العدل ونحوه : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [سورة آل عمران آية : ٧٥] ، أي : مديما للتقاضي.
الثاني : القائم خلاف القاعد ، قال الله : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) [سورة آل عمران آية : ١٩١].
__________________
(١) قال الرازي : أما قوله تعالى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) ففيه مسائل : المسألة الأولى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) منتصب ، وفيه وجوه : الوجه الأول : نصب على الحال ، ثم فيه وجوه أحدها : التقدير : شهد الله قائما بالقسط وثانيها : يجوز أن يكون حالا من هو تقديره : لا إله إلا هو قائما بالقسط ، ويسمى هذا حالا مؤكدة كقولك : أتانا عبد الله شجاعا ، وكقولك : لا رجل إلا عبد الله شجاعا.
الوجه الثاني : أن يكون صفة المنفي ، كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو ، وهذا غير بعيد لأنهم يفصلون بين الصفة والموصوف. والوجه الثالث : أن يكون نصبا على المدح.
فإن قيل : أليس من حق المدح أن يكون معرفة ، كقولك ، الحمد لله الحميد. قلنا : وقد جاء نكرة أيضا ، وأنشد سيبويه :
ويأوي إلى نسوة عطل |
|
وشعثا مراضع مثل السعالي |
المسألة الثانية : قوله (قائِماً بِالْقِسْطِ) فيه وجهان الأول : أنه حال من المؤمنين والتقدير : وأولوا العلم حال كون كل واحد منهم قائما بالقسط في أداء هذه الشهادة والثاني : وهو قول جمهور المفسرين أنه حال من (شَهِدَ اللهُ). المسألة الثالثة : معنى كونه (قائِماً بِالْقِسْطِ) قائما بالعدل ، كما يقال : فلان قائم بالتدبير ، أي يجريه على الاستقامة. [مفاتيح الغيب : ٤ / ١٤٤].