كذب (١)
أصل الكذب الترك ، ومنه قيل : كذب في الحرب إذا ترك الحملة ، وكذب الرجل في قوله ، إذا ترك العمل بما قاله.
وكذبت الرجل بالتخفيف ، أخبرته بكذب ، وكذبته بالتشديد أخبرت بأنه كاذب ، والمشكل في هذا الباب قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) [سورة الأنعام آية : ٢٤].
ولا يجوز أن يكون في الآخرة كذب ؛ لأن أهلها ملجأون إلى ترك القبيح ، ولو لم يكونوا كذلك لكان القبيح قد أبيح لهم.
إنما المراد أنهم ، يقولون في الآخرة : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [سورة الأنعام آية : ٢٣] ، أي : عند أنفسنا في الدنيا.
وقال : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) [سورة الأنعام آية : ٢٤] في الدنيا ، بقولهم : أنهم مصيبون فيما يشركون ، وليس هذا خبرا عن الآخرة ، وقيل : كذبهم على أنفسهم هو جحدهم على جهة النسيان ، وإنكارهم لما كانوا عليه في الدنيا.
__________________
(١) (ك ذ ب) : كذب يكذب كذبا ويجوز التّخفيف بكسر الكاف وسكون الذّال فالكذب هو الإخبار عن الشّيء بخلاف ما هو سواء فيه العمد والخطأ ولا واسطة بين الصّدق والكذب على مذهب أهل السّنّة والإثم يتبع العمد وأكذب نفسه وكذّبها بمعنى اعترف بأنّه كذب في قوله السّابق وأكذبت زيدا بالألف وجدته كاذبا وكذّبته تكذيبا نسبته إلى الكذب أو قلت له كذبت قال الكسائيّ وتقول العرب أكذبته بالألف إذا أخبرت بأنّ الّذي حدّث كذب ورجل كاذب وكذّاب.
وفي التّنزيل (قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) فيه أدب حسن لما يلزم العظماء من صيانة ألفاظهم عن مواجهة أصحابهم بمؤلم خطابهم عند احتمال خطئهم وصوابهم ومثله قوله تعالى حكاية عن المنافقين (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) ثمّ قال (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) أي في ضميرهم المخالف الظّاهر لأنّه قد يكون كاذبا بالميل لا في نفس الأمر فكان ألطف من قوله أصدقت أم كذبت ومن هنا يقال عند احتمال الكذب ليس الأمر كذلك ونحوه فإنّه يحتمل أنّه تعمّد الكذب أو غلط أو لبّس فأخرج الباطل في صورة الحقّ ولهذا يقول الفقهاء لا نسلّم ولكنّهم يشيرون إلى المطالبة بالدّليل تارة وإلى الخطإ في النّقل تارة وإلى التّوقّف تارة فإذا أغلظوا في الرّدّ قالوا ليس كذلك وليس بصحيح. [المصباح المنير : الكاف مع الذال].