لو لا (١)
لو لا كلمتان يعدهما النحويون من حروف الرفع على المسامحة ، وإنما يرتفع ما بعدهما على الابتداء وضم لا إلى لو للمعنى الحادث بينهما ، وهو الدلالة على الشيء لا يقع من أجل غيره ، كقولك : لو لا زيد لخرجنا ، فزيد مبتدأ لم يعمل فيه لو ولا لا ، وأما قولهم لولاك فغير جائز عند المحققين.
والصواب لو لا أنت لكان كذا على الابتداء والخبر ، فإذا قلت : لو لا زيد تأخذه ، فزيد منتصب بفعل مضمر ، والظاهر تفسير ، ويسمى هذا تحضيضا ، والتحضيض توكيد الأمر والمعنى ، لو لا تأخذ زيدا تأخذه ، وقال القتبي : لو لا تكون في بعض الأحوال بمعنى هلا ، وذلك إذا رأيتها بغير جواب تقول : لو لا فعلت كذا تريد هلا ، قال الشاعر :
تعدون عقر البيت أفضل مجدكم |
|
بني ضوء طري لو لا الكمي المقنعا |
يريد ولا تعدون الكمي المقنع ، فإذا رأيت لو لا جوابا كقوله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) [سورة الصافات آية : ١٤٣ ـ ١٤٤] ، فهي التي تكون لأمر لا يقع لوقوع غيره.
وجاء في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : على قول بعض المفسرين بمعنى لم ، وهو قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) [سورة يونس آية : ٩٨] ، معناه أنهم لم يؤمنوا يعني : أهل القرية ، ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله ؛ ألا ترى أن ما بعد إلا في الجحد يتبع ما قبلها ، فيقول : ما قام أحد إلا زيد ، وإذا قلت : ما فيها أحد إلا كلبا وحمارا نصبت ؛ لأنهما منقطعان عما قبل ، إلا وكذلك قوم يونس منقطعون من قوم غيره من الأنبياء ممن لم ينفعه إيمانه ، ولو كان الاستثناء هاهنا قد وقع على طائفة منهم لكان رفعا ، وقيل : (إِلَّا قَوْمَ
__________________
(١) " لو لا" معنيان : أحدهما" هلّا" والآخر" لو لم يكن". ووقع القوم في لولاء شديدة : إذا تلاوموا فقالوا : لو لا ولو لا. [المحيط في اللغة : ما أوله الام].