لمّا ولما
لما تكون بمعنى لم وبينهما فرق ، ويدخل فيه الألف للتوكيد ، وإذا كان مخففا كان بمعنى إلا ، فالذي هو بمعنى لم ، قوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ)(١) [سورة ص آية : ٨] ، والمخفف الذي يكون دخوله بمعنى إلا ، وقوله : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) [سورة يس آية : ٣٢] ، وقوله : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [سورة الطارق آية : ٤] ، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وهي لغة لهذيل ، والمشدد أيضا بمعنى حين ، قال الله : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) [سورة الزخرف آية : ٥٥] ، وفي المخفف وجه آخر.
قال سيبويه : سألت الخليل عن قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) [سورة آل عمران آية : ٨١] إلى قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) [سورة آل عمران آية : ٨١] ، فقال : ما هنا بمنزلة الذي ، ودخلتها اللام كما دخلت على أن حين قلت : لمن فعلت؟ لأفعلن ، ودخلت على نية اليمين ، واللام الثانية للجواب ؛ كقوله : (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) [سورة الأعراف آية : ١٨].
وقال الكسائي : هو على مذهب الجزاء ، قال الله : (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) [سورة آل عمران آية : ٨١] ، جواب لقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) [سورة آل عمران آية : ٨١].
وقال الفراء : قرئ : (لَما آتَيْتُكُمْ) [سورة آل عمران آية : ٨١] ، بكسر اللام ، والمراد إذ أخذت ميثاقكم بهذا الكلام ، يعني : قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) [سورة آل عمران آية : ٨١]. والفرق بين لما ولم أن لما يوقف عليها نحو قد جاء زيد ، فتقول : لما ، أي : لم
__________________
(١) قال الرازي : أما قوله تعالى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) فموقعه من هذا الكلام أنه تعالى يقول هؤلاء إنما تركوا النظر والاستدلال لأني لم أذقهم عذابي ، ولو ذاقوه لم يقع منهم إلا الإقبال على أداء المأمورات والانتهاء عن المنهيات وثانيها : أن يكون المراد من قوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) هو أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يخوفهم من عذاب الله لو أصروا على الكفر ، ثم إنهم أصروا على الكفر ، ولم ينزل عليهم العذاب ، فصار ذلك سببا لشكهم في صدقه. [مفاتيح الغيب : ١٣ / ١٦٥].