اللغو (١)
أصل اللغو الصوت ، وسواء كان له معنى أو لم يكن بمعنى ، ثم سمي ما يتكلم به كل جيل لغة ، وأصلها لغوة ، كما قيل : أن بك قدة ، والأصل قدوة ومثال هذا كثير ، ثم قالوا : لغو الطائر ثم لما رأوا ذلك صوتا لا معنى له ، جعلوه أصلا في كل شيء لا معنى له ، فقالوا : لغى فلان يلغوا ؛ إذا تكلم بكلام لا معنى له ، ومنه قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [سورة فصلت آية : ٢٦] ، أي : عارضوه بكلام لا معنى له لتشغلوه به عن قرأته ؛ ثم سموا المسقط الملغي لغوا ؛ لأنه في سبب ما لا معنى له ، وقيل : ألغيت الشيء إذا أسقطته ، وقال جرير :
ويذهب بينها المري لغوا |
|
كما ألغيت في الدية الحوارا |
ثم سموا الباطل لغوا تشبيها بالمسقط الملغي ؛ لأن الباطل يسقط مع الحق ؛ فلا يكون له ثبات ، ويقال للفحش لغو ؛ لأنه ساقط من الكلام مطرح لا يلتفت إليه ، ويقال : هو لغو ولغا ، وقيل : اللغو في اليمين ؛ لأنه لا إثم فيه ، فكأنه ساقط لا معنى له ، ويجوز أن تكون اللغة من قولهم لغى الشيء يلغي إذا يعلو به فأما اللهجة فهي من قولهم : لهجت بالشيء إذا لزمته.
واللغو في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : اللغو في اليمين ، قال الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [سورة البقرة آية : ٢٢٥] قالوا : هو قول لا والله ، ويلي والله مما يقوله الرجل ولا يعتمده ، وقيل : هي اليمين الكاذبة التي يرى صاحبها لأنه صادق فيها ، وليس فيها كفارة ولا إثم ، وقال
__________________
(١) (ل غ و) : لغا الشّيء يلغو لغوا من باب قال بطل ولغا الرّجل تكلّم باللّغو وهو أخلاط الكلام ولغا به تكلّم به وألغيته أبطلته وألغيته من العدد أسقطته وكان ابن عبّاس يلغي طلاق المكره أي يسقط ويبطل واللّغو في اليمين ما لا يعقد عليه القلب كقول القائل لا والله وبلى والله واللّغى مقصور مثل اللّغو واللّاغية الكلمة ذات لغو ومن الفرق اللّطيف قول الخليل اللّغط كلام لشيء ليس من شأنك والكذب كلام لشيء تغرّ به والمحال كلام لغير شيء والمستقيم كلام لشيء منتظم واللّغو كلام لشيء لم ترده. [المصباح المنير : اللام مع الغين].