المس (١)
أصل المس اللصوق ، مسسته بيدي ثم قيل على وجه التمثيل مسه الضر ، وقيل : مسه النار ، ومس الرجل المرأة إذا جامعها ، والمس الجنون ، ورجل ممسوس مجنون ، وما مسوس نالته الأيدي ، والفرق بين المس واللمس ، أن اللمس يكون باليد لتعرف الخشونة أو اللين أو غير ذلك ، ويكون المس باليد والحجر وغيره ، وقد ذكرنا ذلك.
والمس في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : الجماع ، قال الله : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [سورة الأحزاب آية : ٤٩] ، وقوله : (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [سورة آل عمران آية : ٤٧] ، وإنما سمي الجماع مسا ؛ لأنه مع المس يكون.
الثاني : الإصابة ، قال الله : (مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) [سورة الأعراف آية : ٩٥] ، أي : أصابتهم الشدة والرخاء ؛ فجعل المس هنا موضع الإصابة ؛ ليدل على قصر مدة ما أصابهم من ذلك ، وتعرف به أن مدة المكروه والمحبوب في الدنيا قصيرة ، وقال : (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [سورة ص آية : ٤١] ، وقال : (لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ) [سورة الحجر آية : ٤٨].
الثالث : الجنون ، قال الله : (يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [سورة البقرة آية : ٢٧٥].
الرابع : المس بالجارحة ، قال الله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [سورة الواقعة آية : ٧٩] ، أراد بالمطهرين الملائكة ، وهو التطهير من الذنوب ، وقيل : لفظه لفظ خبر ، ومعناه النهي ، أي : لا يمسه إلا ظاهر.
__________________
(١) قال الجوهريّ : اللّمس المسّ باليد وإذا كان اللّمس هو المسّ فكيف يفرّق الفقهاء بينهما في لمس الخنثى ويقولون لأنّه لا يخلو عن لمس أو مسّ ونهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن بيع الملامسة وهو أن يقول إذا لمست ثوبي ولمست ثوبك فقد وجب البيع بيننا بكذا وعلّلوه بأنّه غرر وقولهم لا يردّ يد لامس أي ليس فيه منعة. [المصباح المنير : اللام مع الميم].