المد (١)
أصل المد إتباع بعض الشيء بعضا ، ومنه مددت الجيش ومد الحبل ومدة الشيء وأمد الجرح ؛ كأنه اتبع فسادا بفساد ، ومنه مادة الشيء ، وهو ما يتشعب منه.
وهو في القرآن على سبعة أوجه :
الأول : التعمير ، قال الله : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [سورة البقرة آية : ١٥] ، أي : يمد لهم الأيام ، وهم في ضلالهم يتحيرون ، كما قال : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [سورة مريم آية : ٧٥] ، أي : يمد له العمر ، وهو في ضلاله ويحسن منه ذلك ؛ لأن العبد يصل اختيارا وهو قادر على الهداية.
وليس يجب على الله أن يحول بينه وبين الاستكثار من المعاصي ، كما لا يحب عليه أن يحول بينها وبينه أصلا.
ويجوز أن يكون معناه أنه يمنعهم الطاعة ، وفوائده التي يؤتيها المؤمنين ، وذلك أن تسوية المعاصي بالمطيع مفسدة وإغراء بالازدياد من المعصية.
الثاني : الإعطاء ، قال الله : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) [سورة المؤمنون آية : ٥٥] ، وقال : (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) [سورة نوح آية : ١٢].
الثالث : من مدد الجيش ، قال : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ) [سورة آل عمران آية : ١٢٤] ، وقوله : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ) [سورة آل عمران آية : ١٢٥] ، كذا
__________________
(١) [مد] : المد : الجذب. وكثرة الماء أيّام المدود ، يقال : مدّ النهر ، وامتد الحبل. ومده نهر آخر.
والمدد : ما أمددت به قوما في الحرب. ومددت القوم : صرت لهم مددا. وأمددناهم بغيرنا. والمادّة : كل شيء يكون مددا لغيره. والدهر ممدودة أي لا ينقطع. والتّمدد : كتمدّد السّقاء. والامتداد : الطول ، امتد بهم السّير. والمداد : الذي يكتب به ، ومدّني : أعطني مدّة ، ومددت الدّواة ؛ وأمددتها : لغة. ولعبة للصّبيان يسمّونها : مداد قيس. وخيط البناء. والمثال ، من قولهم : بنوا بيوتهم على مداد واحد. [المحيط في اللغة : ٢ / ٣٤٠].