المثل (١)
المثل في الأصل يشتمل على ذكر تماثل الشيئين كقولهم : كما تدين تدان ، وهو من قولك : هذا مثل الشيء ، ومثله كما تقول شبهه وشبهه ، وبين المثل والشبه فرق ذكرناه في كتاب" البديع في الفروق" ثم جعل كل حكمة وسائرة ومثلا ، وقد يأتي القائل بما يحسن أن يتمثل به ، إلا أنه لا يتفق له أن يسير فلا يكون مثلا.
وهو في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : الشبه ، قال الله : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) [سورة البقرة آية : ١٦] ، وقال : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) [سورة العنكبوت آية : ٤١] ، وقوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) [سورة التحريم آية : ١١ ، النحل : ٧٦ ، ١١٢] ، أي : وصف شبها ، وضرب المثل جعله يسير في البلاد من قولك ضرب في الأرض إذا سار فيها.
الثاني : العبرة ، قال الله : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) [سورة الزخرف آية : ٥٦] ، وقوله : (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) [سورة الزخرف آية : ٥٩] ، والمعنى أنه صارت له شهرة كشهرة الأمثال السائرة ، وأراد أن من بعدهم يتمثل بهم إذا رأى مثل حالهم.
الثالث : على ما قيل الصفة ، قال الله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) [سورة محمد آية : ١٥] ، أي : صفتها أن فيها أنهارا.
__________________
(١) (م ث ل): (المثل) واحد الأمثال ومنه قوله تعالى فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ أي فعليه جزاء مماثل لما قتل من الصّيد وهو قيمة الصّيد عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهماالله وعند محمّد والشّافعيّ رحمهماالله مثله نظيره من النّعم فإن لم يوجد عدل إلى مذهب أبي حنيفة فمن النّعم على الأوّل بيان للهدي المشترى بالقيمة وعلى الثّاني للمثل والأوّل أوجه لأنّ التّخيير بين الوجوه الثّلاثة علّيه ظاهر وانتصاب هديا على أنّه حال عن جزاء لأنّه موصوف أو مضاف على حساب القراءتين أو عن الضّمير في به (ومثل به مثلة) وذلك بأن يقطّع بعض أعضائه أو يسوّد وجهه. [المغرب : الميم مع الثاء].