المصيبة
أصل الإصابة القصد ، وفي المثل : أصاب الصواب فأخطأ الجواب أي : أراد ، ومنه قوله : (رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) [سورة ص آية : ٣٦] ، أي : أراد وصاب الشيء إذا نزل من علو إلى سفل ، كأنه يقصد الوجهة التي يمر فيها ، وكذلك في إصابة السهم.
والمصيبة في القرآن على وجهين :
الأول : مكاره الدنيا من القحط والجدب والمرض ، قال الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [سورة الشورى آية : ٣٠] ، وقوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ) [سورة الحديد آية : ٢٢] ، فالمصيبة في الأرض الجدب ، وفي الأنفس المرض ، ودليل هذا قوله : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [سورة الحديد آية : ٢٣] ، ولو أراد بالمصيبة الطاعة ، والمعصية على ما يقوله المجبرة لم يقل : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) [سورة الحديد آية : ٢٣] ، وقوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [سورة التغابن آية : ١١] ، يعني : هذه المكاره ، وقال : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) [سورة الشورى آية : ٢١] ، فهذا دليل على أن المصيبة ليست بالمعصية ، إذا ذكر أنه لم يأذن بالمعصية ، وأذن بالمصبة ، والمصائب من الله حسنة ، والأذن على هذا التفسير الأمر ، وهو أن يأمر الملك بإنزال المصيبة فيهم ، ويجوز أن يكون بمعنى العلم ، والمراد أن الله يعلمها ويجازيهم عليها بالحسنى.
الثاني : الهزيمة والقتل ، قال الله : (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) [سورة التوبة آية : ٥٠] ، يعني : أنكم إن هزمتم استصوب المنافقون بخلفهم عن القتال معكم ، والأصل في هذه الوجوه واحد وهو الخلة المكروهة الشديدة الكراهة يترك الإنسان.