وأصل الترك في الله مجاز وحقيقته هاهنا أنه أوجب لهم العذاب ، ويجوز أن يكون المراد أنهم تركوا ذكر الله فمنعهم الله الخير وذلك أن خيرك لا يبلغ من أنت ناسيه ، ويجوز أن يكون معناه أنهم تركوا طاعته فعاقبهم الله بنسيانهم إياها فسمي الجزاء على النسيان نسيانا.
الثاني : بمعنى التخليد في العذاب ، قال الله : (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ) [سورة السجدة آية : ١٤] ، المعنى خلدناكم في العذاب ، وجعله نسيانا ؛ لأنه جزاء بالنسيان ، وهو ترك العمل للقاء ذلك اليوم ، وليس هو خلاف الذكر ، لأن ذلك فعل الله ، ولا يجوز أن تفعله بهم ويعذبهم عليه على أنه يجوز أن يسمى سبب النسيان الكائن منهم نسيانا ، ويذكر أنه يعذبهم على النسيان ، وهو يريد أن يعذبهم على سببه.
الثالث : خلاف الذكر ، قال الله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [سورة الأعلى آية : ٦ ـ ٧] ، خبر وليس بنهي ، وقوله : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) [سورة الكهف آية : ٧٣] ، وأراد بقوله : فلا تنسى الإخبار بفضيلة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أن جبريل يقرأه عليه ، وهو أمي فيحفظه ولا ينسى منه شيئا ؛ ثم يقرأ أصحابه ، وقيل : إلا ما شاء الله أن ينسخه بعد العمل فينسبه النبي عليهالسلام أمير المؤمنين ، ومنه قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [سورة البقرة آية : ١٠٦].