النصيب (١)
أصله ما يخص الإنسان عن مقاسمة كأنه تصد له ليأخذه ، ثم استعمل في غير ذلك ، والفرق بينه وبين الحظ ، أن الحظ ما يرتفع به الإنسان ، ولهذا يقال : لفلان حظ في التجارة ، ولا يقال : له نصيب فيها.
والنصيب في القرآن على وجهين :
الأول : الحصة من الثلث ، وهو قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [سورة النساء آية : ٣٣] ، قد تم الكلام عند ذلك ، : (وَلِكُلٍ) يعني : التركات ، والموالي : أقارب الميت ، لأنهم أولى بالميراث ، وفي الآية حذف ، فالمراد : لكل شيء من الميراث أصحابهم أولى فأقصروه عليه ثم ابتدأ ، فقال : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) [سورة النساء آية : ٣٣] ، يعني : من الثلث ، ويريد الحلفاء ، وهو مثل قوله : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) [سورة الأحزاب آية : ٦] ، وقيل : يعني : نصيبهم من النصر والموآزرة.
الثاني : الجزاء ، قال : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) [سورة النساء آية : ٣٢] ، أي : لهم جزاء بما عملوا ونحوه ، : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) [سورة البقرة آية : ٢٠٢] ، يعني : الثواب ، وقوله : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) [سورة الأعراف آية : ٣٧] ، يعني : العقاب ، وفي هذه الآية وجوه أخرى ذكرناها في التفسير.
__________________
(١) الفرق بين النصيب والقسط : أن النصيب يجوز أن يكون عادلا وجائرا وناقصا عن الاستحقاق وزائدا يقال نصيب مبخوس وموفور ، والقسط الحصة العادلة مأخوذة من قولك أقسط إذا عدل ويقال قسط القوم الشئ بينهم إذا قسموه على القسط ، ويجوز أن يقال القسط إسم للعدل في القسم ثم سمي العزم على القسط قسطا كما يسمى الشئ بإسم سببه وهو كقولهم للنظر رؤية ، وقيل القسط ما استحق المقسط له من النصيب ولابد له منه ولهذا يقال للجوهر قسط من المسامحة أي لا بد له من ذلك. [الفروق اللغوية : ١ / ٥٤١].