النكاح (١)
أصل النكاح الجماع ، ومنه قول العرب في بعض أمثالها : أنكح من خوات أي : أكثر مجامعه ، وله حديث معروف ويروى عن بعض نسائها أنه كان يقال لها خطب ، فيقول نكح يريد الجماع ، ثم استعمل في التزويج ، ومنه قول حكيمها المناكح :
الكريمة مدرجة للشرّف
ويقال : أنكح الرجل المرأة إذا جامعها ، ونكحت المرأة الرجل إذا تزوجته من قوله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) [سورة البقرة آية : ٢٣٢] ، وجاء في القرآن على وجهين :
فأما ما جاء بمعنى التزويج ، فقوله تعالى : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [سورة الأحزاب آية : ٤٩] ، أي : تزوجتموهن ؛ لأنه ذكر عدم الدخول
__________________
(١) (ن ك ح): (أصل النّكاح) الوطء ومنه قول النّجاشيّ (والنّاكحين) بشطّي دجلة البقرا وقول الأعشى (ومنكوحة) غير ممهورة وأخرى يقال لها فادها يعني المسبيّة الموطوءة ثمّ قيل للتّزوّج (نكاحا) مجازا لأنّه سبب للوطء المباح قال الأعشى (لا تنكحنّ) جارة إنّ سرّها عليك حرام (فانكحن) أو تأبّدا أي فتزوّج أو فتوحّش وتعفّف وعليه قوله تعالى (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (أنا من نكاح ولست من سفاح) وقال الزّجّاج في قوله تعالى الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أي لا يتزوّج وقيل لا يطأ قال وهذا يبعد لأنّه لا يعرف شيء من ذكر النّكاح في كتاب الله تعالى إلّا على معنى التّزويج وأيضا فالمعنى لا يقوم عليه وقولهم (النّكاح) الضّمّ مجاز أيضا إلّا أنّ هذا من باب تسمية المسبّب باسم السّبب والأوّل على العكس وممّا استشهدوا به قول المتنبّي (أنكحت) صمّ حصاها خفّ يعملة تغشمرت بي إليك السّهل والجبلا (يقال) انكحوا الحصا أخفاف الإبل إذا ساروا (واليعملة) النّاقة النّجيبة المطبوعة على العمل (والتّغشمر) الأخذ قهرا يعني أخذت بي في طرق السّهولة والحزونة ويقال (نكح) الرّجل ونكحت المرأة من باب ضرب (وأنكحها) وليّها وفي المثل (أنكحنا الفرا فسرى) قال رجل لامرأته حين خطب إليه ابنته رجل وأبى أن يزوّجه إيّاها ورضيت الأمّ بتزويجه فغلبت الأب حتّى زوّجها إيّاه بكره منه وقال أنكحنا فسنرى ثمّ أساء الزّوج العشرة فطلّقها يضرب في التّحذير من العاقبة وإنّما قلب الهمزة ألفا للازدواج (والفرا) في الأصل الحمار الوحشيّ فاستعاره للرّجل استخفافا به وفي الحديث (لا ينكح المحرم ولا ينكح) وهذا خبر في معنى النّهي وفي حديث الخنساء انكحي من شئت بكسر الهمزة وامرأة ناكح في بني فلان أي ذات زوج. [المغرب : النون مع الكاف].