النور (١)
قد ذكرنا أن أصل النار والنور واحد وهو البياض ، وإنما غير البناء لاختلاف المعنى.
وهو في القرآن على ثمانية أوجه :
الأول : الإسلام ، قال الله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) [سورة التوبة آية : ٣٢].
وقوله : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة النور آية : ٣٥] والهداية هاهنا بمعنى الألطاف يعطيها الله من يشاء على قدر المصالح ، وكذلك قوله : (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [سورة المائدة آية : ١٦].
الثاني : بمعنى المنور ، قال تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة النور آية : ٣٥] أي : منورهما بالهداية إلى الدين فلما كان أهل السماوات والأرض يهتدون بالله في ذلك كما
__________________
(١) (ن ور) : النّور الضّوء وهو خلاف الظّلمة والجمع أنوار وأنار الصّبح إنارة أضاء ونوّر تنويرا واستنار استنارة كلّها لازمة بمعنى ونار الشّيء ينور نيارا بالكسر وبه سمّي أضاء أيضا فهو نيّر وهذا يتعدّى بالهمزة والتّضعيف ونوّرت المصباح تنويرا أزهرته ونوّرت بالفجر تنويرا صلّيتها في النّور فالباء للتّعدية مثل أسفرت به وغلّست به. [المصباح المنير : النون مع الواو].
وعند ابن فارس (ن ور) : النون والواو والراء أصل صحيح يدلّ على إضاءة واضطراب وقلّة ثبات. منه النور والنار ، سمّيا بذلك من طريقة الإضاءة ، ولأنّ ذلك يكون مضطربا سريع الحركة. وتنوّرت النّار : تبصّرتها. قال امرؤ القيس :
تنوّرتها من أذرعات وأهلها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عالي |
ومنه النّور : نور الشّجر ونوّاره. وأنارت الشّجرة : أخرجت النّور. والمنارة : مفعلة من الاستنارة ، والأصل منورة. ومنه منار الأرض : حدودها وأعلامها ، سمّيت لبيانها وظهورها.
والذي قلناه في قلّة الثبات امرأة نوار ، أي عفيفة تنور ، أي تنفر من القبيح ، والجمع نور. ونارت : نفرت نورا. قال :
* أنورا سرع ماذا يا فروق*
ونرت فلانا : نفّرته. والنّوار : النّفار.
ومما شذّ عن هذا الأصل النّؤور : دخان الفتيلة يتّخذه كحلا ووشما. ونوّرت اللّثة : غرزتها بإبرة ثم جعلت في الغرز الإثمد.