الباب السادس والعشرون
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله واو
الوكيل (١)
أصله التوكيل جعل الأمر إلى الغير ، ورجل وكل أي ضعيف يتكل في أموره على غيره ، والوكيل في أسماء الله بمعنى الكافي وبمعنى الحافظ ، وقيل : هو على التشبيه له بالوكيل منا ، وذلك أن جميع ما يفعله من الخير إنما يفعله منفعة للعباد ما أن جميع سعي الوكيل إنما هو للموكل.
والوكيل في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : الحافظ ، قال الله : (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)(٢) [سورة النساء آية : ١٠٩] أي : إن حفظوا وذب عنهم في الدنيا فمن الذي يحفظهم ويذب عنهم في الآخرة ، ومعنى لفظ الاستفهام هاهنا أنه ليس للعصاة يوم القيامة ناصر يذب عنهم ، وقال : (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) [سورة الإسراء آية : ٦٥] أي : حفيظا.
الثاني : بمعنى الرب ، قال : (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) [سورة الإسراء آية : ٢] ، وقال : (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) [سورة المزمل آية : ٩] وهو يرجع إلى الحفظ ؛ لأن رب الشيء يحفظه.
__________________
(١) (وك ل): (الوكيل) القائم بما فوّض إليه والجمع الوكلاء وكأنّه فعيل بمعنى مفعول لأنّه موكول إليه الأمر أي مفوّض إليه (والوكالة) بالكسر مصدر الوكيل والوكالة بالفتح لغة ومنه (وكّله) بالبيع فتوكّل به أي قبل الوكالة له وقوله للمأذون له أن يتوكّل لغيره أي يتولّى الوكالة وهو قياس على التّكفّل من الكفالة وقولهم (الوكيل) الحافظ (والوكالة) الحفظ فذاك مسبّب عن الاعتماد والتّفويض ومنه (رجل وكل) ضعيف جبان يكل أمره إلى غيره وقوله تعالى (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي عليك التّبليغ والدّعوة وأمّا القيام بأمورهم ومصالحهم فليس إليك. [المغرب : الواو مع الكاف].
(٢) قال الرازي : قال تعالى : (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) فقوله : أَمْ مَنْ يَكُونُ عطف على الاستفهام السابق ، والوكيل هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية ، والمعنى : من الذي يكون محافظا ومحاميا لهم من عذاب الله؟ [مفاتيح الغيب : ٥ / ٣٧٤].