الوحي (١)
ل الوحي الإشارة ، يقال : وحيت إليه بطرفي أي : أشرت ، قال الله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [سورة مريم آية : ١١] ثم صار كل شيء دللت به على شيء وحيا ، وحييت الكتاب وأوحيته إذا كتبته ؛ لأنك تشير بالكتابة إلى المعاني التي تريدها ، وهو بمعنى الإلهام ، وبمعنى الإرسال وبمعنى الرؤيا ، ويجوز أن يكون أصله السرعة ، ومنه الوحي يقصر ويمد يقال : الوحا الوحا يراد السرعة ، ويقال : من الوحي وحا ، وأوحى.
وهو في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : الإرسال ، قال : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) [سورة النساء آية : ١٦٣] ، وقوله : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [سورة الأنعام آية : ١٩] أي : أرسل به إلي.
الثاني : الإلهام ، قال الله : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) [سورة المائدة آية : ١١١] أي : ألهمتهم الإيمان ، ومثله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [سورة النحل آية : ٦٨] جمع واحدة نحلة مثل : نحل ونحلة ، والمعنى أنه ألهمها اتخاذ المساكن وادخار العسل كما في غيرها من الحيوان التصرف في وجوه منافعها واجتناب أسباب مضارها ، ومثله قوله : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) [سورة الزلزلة آية : ٥].
الثالث : الإشارة ، قال الله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [سورة مريم آية : ١١] أي : أومأ ودليل هذا ، قوله : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) [سورة آل عمران آية : ٤١] والرمز تحريك الشفتين والحاجبين والعينين ، وقال بعضهم : الوحي هاهنا الكتاب أي : كتب إليهم وقال ذلك لأن الإشارة لا تنئي عن الصلاة بكرة وعشيا.
__________________
(١) (وح ي) : الوحي الإشارة والرّسالة والكتابة وكلّ ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه وحي كيف كان قاله ابن فارس وهو مصدر وحى إليه يحي من باب وعد وأوحى إليه بالألف مثله وجمعه وحيّ والأصل فعول مثل فلوس وبعض العرب يقول وحيت إليه ووحيت له وأوحيت إليه وله ثمّ غلب استعمال الوحي فيما يلقى إلى الأنبياء من عند الله تعالى ولغة القرآن الفاشية أوحى بالألف. [المصباح المنير : الواو مع الحاء].