الولي
الولي خلاف العدو ، والاسم الولاية بالفتح والولاية بالكسر ولاية الأعمال وقد مضى من كلامنا في هذا الحرف ما فيه كفاية.
والولي في القرآن على ستة أوجه :
الأول : الولد ، قال : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)(١) [سورة مريم آية : ٥] أي : ولدا ، وسمي الولد وليا لقربه من أبيه في النسب ، وأصل هذه الكلمة القرب ، ومنه ولي الشيء يليه إذا قرب منه.
الثاني : الصاحب ، قال الله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) [سورة الإسراء آية : ١١١] قالوا : معناه صاحب ينتصر به فيعز ، ومثله : (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [سورة الكهف آية : ١٧] ، وقوله : (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) [سورة الإسراء آية : ٩٧] أي : أصحابا ، ويجوز أن يكون المعنى في ذلك كله خلاف العدو.
الثالث : القريب ، قال : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) [سورة هود آية : ٢٠] قالوا : يعني : الأقرباء ، وهذا والأول عندي سواء.
الرابع : بمعنى رب ، : قال (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) [سورة الأنعام آية : ١٤] أي : ربا ، ومثله كثير.
الخامس : خلاف العدو ، قال الله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [سورة المائدة آية : ٥١] ، وقال : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) [سورة الممتحنة آية : ١] أي : اتخذوهم أعداء حتى لا تتاصحوهم ، وقال : (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ)
__________________
(١) قال الشوكاني : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) أي أعطني من فضلك وليا ، ولم يصرح بطلب الولد لما علم من نفسه بأنه قد صار هو وامرأته في حالة لا يجوّز فيها حدوث الولد بينهما وحصوله منهما. وقد قيل : إنه كان ابن بضع وتسعين سنة ، وقيل : بل أراد بالوليّ الذي طلبه هو الولد ، ولا مانع من سؤال من كان مثله لما هو خارق للعادة ، فإن الله سبحانه قد يكرم رسله بما يكون كذلك ، فيكون من جملة المعجزات الدالة على صدقهم. [فتح القدير : ٤ / ٤٤٠].