الوجه (١)
أصله التقدم ، يقال : توجهت في الشيء إذا تقدمت فيه ووجه كل شيء أوله ، ومنه وجه النهار أي : أوله ثم كثر حتى قيل : وجه الشيء لنفسه ، تقول : هذا وجه الرأي أي : هو الرأي.
والوجه في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : مجيئه بمعنى الشيء نفسه ، قال : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [سورة القصص آية : ٨٨] أي : إلا هو ، ولو كان له وجه غيره على ما يوجبه ظاهر الآية وعلى ما يقوله المشبهة لكان ينبغي أن يفنى جميعه ويبقى وجهه وليس هذا قولا لأحد إلا لبيان بن سمعان ، وليس هو مما يعتد به لبيان بطلانه ودلالة العقل والإجماع على خلافه ، ومثله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [سورة الإنسان آية : ٩] أي : لله.
الثاني : مجيئه بمعنى الأول ، وهو قوله : (وَجْهَ النَّهارِ) [سورة آل عمران آية : ٧٢] أي : أوله ، وإنما قيل ذلك ؛ لأن أول ما يلقاه من الشيء وجهه.
الثالث : بمعنى الدين ، قال : (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) [سورة النساء آية : ١٢٥] أي : أخلص دينه ، وقوله : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) [سورة لقمان آية : ٢٢] ، والإسلام الإخلاص على ما تقدم ذكره ، ويجوز أن يكون : (أَسْلَمَ وَجْهَهُ) أي : استسلم كما نقول : أعطى يده إذا استسلم ، وقيل : الوجه العمل ، و : (أَسْلَمَ وَجْهَهُ) أي : أخلص عمله ، وقالوا : الوجه في قوله : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [سورة الليل آية : ٢٠] وهو الثواب
__________________
(١) (وج ه) : وجه بالضّمّ وجاهة فهو وجيه إذا كان له حظّ ورتبة والوجه مستقبل كلّ شيء وربّما عبّر بالوجه عن الذّات ويقال واجهته إذا استقبلت وجهه بوجهك ووجّهت الشّيء جعلته على جهة واحدة ووجّهته إلى القبلة فتوجّه إليها والوجهة بكسر الواو قيل مثل الوجه وقيل كلّ مكان استقبلته وتحذف الواو فيقال جهة مثل عدة وهو أحسن القوم وجها قيل معناه أحسنهم حالا لأنّ حسن الظّاهر يدلّ على حسن الباطن وشركة الوجوه أصلها شركة بالوجوه فحذفت الباء ثمّ أضيفت مثل شركة الأبدان أي بالأبدان لأنّهم بذلوا وجوههم في البيع والشّراء وبذلوا جاههم. [المصباح المنير : الواو مع الجيم].