الباب السابع والعشرون
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله هاء
الهدي (١)
أصله التقدم ومن ثم قيل للعنق : الهادي لتقدمه الجسد ثم استعمل في الإرشاد ثم جعل من الإرشاد في الدين والإرشاد في الطريق فرق في المصدر ، فقالوا : في الدين هدى وفي الطريق هداية ، وسمي الهدي هديا ؛ لأنه تقدم للنحر ، والهدية تقدم أمام الحاجة ، والعروس هدى ؛ لأنها تقدم إلى زوجها ويتبعها أهلها ، والفرق بين الهدى والإرشاد أن الهدى يكون في الخير والشر يقال : هداه إلى السوء والمكروه ، ومنه قوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) [سورة الصافات آية : ٢٣] ، ولا يكون الإرشاد إلا إلى الخير.
والهدي في القرآن على اثنى عشر وجها :
الأول : البيان ، قال : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [سورة البقرة آية : ٥] أي : على بيان ، وقال : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [سورة فصلت آية : ١٧] أي : بينا لهم ، وقال : (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) [سورة الأعراف آية : ١٠٠] ، وقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) [سورة طه آية : ١٢٣] أي : بيان والمعنى به الكتاب والرسول ، ومثله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) [سورة الإسراء آية : ٩٤] أي : البيان والمعني به القرآن ، ومثله كثير.
__________________
(١) (ه د ي): (الهدي) السّيرة السّويّة (والهدى) بالضّمّ خلاف الضّلالة (ومنه) حديث ابن مسعود" رضي الله تعالى عنه (عليكم بالجماعات فإنّها من سنن الهدى) ورواية من روى بفتح الهاء وسكون الدّال لا تحسّ (وفي) حديث أبي بكر (فخرج يهادى بين اثنين) أي يمشي بينهما معتمدا عليهما لضعفه (والهدي) ما يهدى إلى الحرم من شاة أو بقرة أو بعير الواحدة هدية كما يقال جدي في جدية السّرج ويقال (هديّ) بالتّشديد على فعيل الواحدة هديّة كمطيّة ومطيّ ومطايا. [المغرب : الهاء مع الدال].