اليقين (١)
أصله العلم يقع بالشيء بعد إن لم يكن واقعا به ، ولهذا لا يقال : لله أنه متيقن ، وهو اليقين واليقن ، ولا يقال إلا علما يثلج معه الصدر ، ولهذا يقال : ثلج اليقين ، ولا يقال : ثلج العلم ، ومن أجل ذلك أيضا لا يوصف الله به وهو أبلغ من العلم ، ألا تراهم يقولون : أعلم وأيقن ومن عادتهم أن يؤخروا الأبلغ.
وهو في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : العلم ، قال الله : (وهم بالآخرة هم يوقنون) [سورة النمل آية : ٣] أي : يعلمون.
الثاني : الموت ، قال الله : (حتى يأتيك اليقين) [سورة الحجر آية : ٩٩] يعني : الموت.
قالوا الثالث : القرآن ، قال الله : (حتى يأتيك اليقين) [سورة الحجر آية : ٩٩] وأضاف الحق إلى اليقين لاختلاف اللفظين ، وهما واحد كما قال : (حبل الوريد) [سورة ق آية : ١٦] وهذا مذهب بعض أهل العربية ، وهو عند المحققين منهم خطأ ، والصواب أن يقال : معناه أنه لمحض اليقين كما تقول : هذا حق الشيء ، ولو كان اليقين هنا لم يجز أن يضاف إليه كما لا يقال : هذا رجل الظريف إنما هو كقوله : (عين اليقين) [سورة التكاثر آية : ٧] كما قال الله تعالى : (لترونها عين اليقين).
__________________
(١) (ي ق ن) : اليقين العلم الحاصل عن نظر واستدلال ولهذا لا يسمّى علم الله يقينا ويقن الأمر ييقن يقنا من باب تعب إذا ثبت ووضح فهو يقين فعيل بمعنى فاعل ويستعمل متعدّيا أيضا بنفسه وبالباء فيقال يقنته ويقنت به وأيقنت به وتيقّنته واستيقنته أي علمته. [المصباح المنير : الباء مع القاف].