الإيمان (١)
أصل الإيمان السكون والطمأنينة ، ومن أمنك فقد سكن إليك ، ولهذا لا يصح أن يقال : إن الله يأتمن أنبيائه إذ لا يوصف بأنه يسكن إليهم ، ولا يوصف الأنبياء بأنهم يأتمنونه ، كما لا يوصفون بأنهم يسكنون إليه.
وقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) [سورة يوسف آية ١٧]. أي : بساكن إلينا.
والمؤمن في أسماء الله بمعنى أنه يؤمن عباده من ظلمه ، ويسكن قلوبهم حتى لا يخافوا ذلك منه.
ثم استعمل الإيمان بمعنى التصديق ؛ لأنك لا تصدق الرجل إلا وقد سكنت إلى خبره.
ويكون المؤمن في أسماء الله تعالى بمعنى أنه مصدق لأوليائه ، وتصديقه لهم تسكين عباده إلى قولهم ، ويقال : آمنت لرجل إذا صدقته ، ومنه قول الشاعر :
ومن قبل آمنّا وقد كان قو |
|
منا يصلّون الأوثان قبل محمّدا |
ويجوز أن يكون معنى قوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) [سورة يوسف آية ١٧]. أي : بمصدق قولنا.
وقوله تعالى : (آمَنْتُمْ لَهُ) [سورة طه آية ٧١] مفارق لقوله : (آمَنْتُمْ بِهِ) [سورة البقرة آية ١٣٧]. معنى : (آمَنْتُمْ بِهِ) : صدقتموه. ومعنى : (آمَنْتُمْ لَهُ) : أظهرتم ما أظهرتموه من عجزكم عن معارضته إعانة له لأمر توافقتم عليه ، ولستم تعرفون صدقه.
__________________
(١) الفرق بين الاسلام والايمان : لا يخفى أن الاسلام أعم من الايمان مطلقا ، كما نطقت به الاخبار الصحاح ، والروايات الصراح المروية عن أهل بيت العصمة ، صلوات الله عليهم ، وهي كثيرة جدا ، فلا يلتفت أحد إلى قول من قال من المتكلمين : إنهما مترادفان ، فمنها ما رواه ثقة الاسلام في موثقة سماعه قال : قلت لابي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن الاسلام والايمان أهما مختلفان؟ فقال : " إن الايمان يشارك الاسلام ، والاسلام لا يشارك الايمان". [الفروق اللغوية : ١ / ٣١٧].