والاستفعال في الأصل للطلب ثم استعمل في غير ذلك ، فقيل : استحسن الشيء واستقبحه. وقيل : فعلته طوعا ، أي : فعلته في سهولة ، ومثله : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) [سورة المائدة آية : ٣٠]. أي : سهلته عليه ، ومن هذا الوجه أيضا لا يقال لله مستطيع ، كما لا يقال : أن هذا الفعل سهل عليه ، ومن أجل أن استطاع طلب ذلك ولا يوصف الله بأنه يطلب القدرة على الفعل ويطلب السهولة أو انطباع الفعل.
وقيل : طوعت : حسنت وزينت ، وهذا على المعنى وليس على اللفظ.
وقيل : طوعت : شجعت ، وطوعت السقاء ملأته ، وهو طواع الكف ، أي : ملؤها ، وطاع له الشيء إذا أتاه طوعا ، وقيل : طوعت : له أطاعته وتابعته ، وقرئ : فطاوعت.
والاستطاعة في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : السعة في المال ، قال الله تعالى : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [سورة التوبة آية ٤٢]. أي : لخرجنا معكم إلى تبوك ، يعنون سعة ذات اليد للخروج وتخفيف النفقة للعيال. وقوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [سورة آل عمران آية ٩٧]. وتدخل في هذا سعة ذات اليد ، وصحة البدن ، وأمن الطريق ، وتمام الوقت.
وقال : (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) [سورة النساء آية ٩٨]. أي : لا يجدون سعة يستعينون بها على الهجرة ، ويجوز أن يكون أراد عدم الصحة والقوة على السفر ، أو عنى أنهم ممنوعون من الخروج ببعض الموانع الكائنة من جهة الكفار.
وقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) [سورة النساء آية ٢٥]. والطول : السعة ، وتطول الرجل أفضل من سعة وليس فيه طائل يرجع إلى هذا ، أي : إذ لم تستطيعوا نكاح الحرائر لتعذر النفقة عليكم فانكحوا الأيامى ليقع الانتفاع لكم بهن وتكون نفقتهن على مواليهن ويقل مهرهن.