وقال بعضهم : لا يجوز نكاح الأمة مع وجود الطول. وليس كذلك ؛ لأن القدرة على نكاح امرأة لا تحرم نكاح أخرى ، قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [سورة النور آية : ٣٢] فعم.
الثاني : الطاقة ، قال تعالى : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) [سورة القلم آية ٤٢]. فلو كانت الاستطاعة مع الفعل لكانوا عاجزين إذ لم يفعلوا ؛ لأن الفعل معدوم ، وإذا عدم الفعل عدم الاستطاعة ، ولكان أيضا من وجد الزاد والراحلة وتمام الوقت ، وهو صحيح البدن وعطل الحج ثم مات لكان معذورا ؛ لأنه كان عاجزا وإنما يكون مستطيعا عند خصومنا في وقت وجود الحج ولا لوم على العاجز.
وقد أخبر الله تعالى أنهم لا يستطيعون السجود في الآخرة ، فدل على أنهم كانوا يستطيعونه في الدنيا ؛ لقوله : (وَهُمْ سالِمُونَ) [سورة القلم آية ٤٣]. وإلا فليس للكلام معنى يفهم.
وقوله تعالى : (فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ) [سورة الذاريات آية ٤٥]. أي : لم يطيقوا القيام لعذاب الله ، ومثله : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) [سورة الكهف آية ٩٧].
وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [سورة التغابن آية ١٦]. واسطاعوا : لغة في استطاعوا ، يقال : اسطعت الشيء واستطعته.
وقوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) [سورة النساء آية ١٢٩]. أي : لا تطيقون ذلك في الحد ، هذا في الرجل له زوجتان وثلاث وأربع ، قال : وليس يستطيع أن يسوي بينهن في الشهوة ، فتشتهي هذه كما تشتهي تلك ؛ لأن الشهوة ليست من فعله فعذره فيما لا يستطيع واسع ، وليس كما يذهب إليه المجبرة في أنه تعالى كلفه العدل بينهن ، وهو لا يستطيعه ، ألا ترى أن قوله : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) [سورة النساء آية ١٢٩]. دلالة على أنه في بعض الميل معذور ، وهو الذي لا يستطيع خلافه ، والمعنى النهي عن إيثار إحداهن للشهوة فيها والانصراف عن الأخرى حتى تصير كالمعلقة لا المتزوجة ولا المطلقة.