وجاء في كلامهم نسيج وحده ، وعيير وحده ، وجحيش وحده بالجر ، وإنما هذا مضاف إلى المصدر كأنهم قالوا : نسيج إفرادا لا يوجد مثله ؛ لانفراده بدأ به وعمله.
وقالوا : في جمع أحد آحاد ، وجمع واحد وحدان وأحدان ، ويقولون : أحد الرجلين ولا يقولون : واحد الرجلين ، ولزموا أحدا وإحدى في العدد.
ولو استعملوا في أحد وعشرين وإحدى وعشرين واحدا وعشرين وواحدة وعشرين كان جائزا ولكن لما كان باب العدد وباب التعبير لزموا فيه أحدا وإحدى وهما مغيران عن الأصل ، وقالوا : واحد ولم يقولوا في التثنية : واحدان ؛ لأن واحدا اسم لما لا ثاني له ، وقالوا : اثنان حين أرادوا أن كل واحد منهما ثان للآخر.
وأحد في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : يعني : الله سبحانه وتعالى ، وهو قوله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) [سورة البلد آية : ٥] يعني : أن لن يقدر عليه الله ، أو أن يحسب أن لن يقدر الله أن يبعثه.
وكذا قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) [سورة البلد آية : ٧] وأول الآية : (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) [سورة البلد آية : ٦] أي : أنفقت المال الكثير في وجوه كثيرة ، ومن أحصاه علي فيحاسبني به ، فقال الله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) أي : لم يره الله.
الثاني : النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً) [سورة الحشر آية : ١١] يعنون النبي صلى الله عليه ، وكذلك قوله : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) [سورة آل عمران آية : ١٥٣] يعني : على النبي عليهالسلام ؛ لأنه ثبت حين انهزموا فمروا على وجوههم ، ولم يقيموا عليه ، ويجوز أن يكون المعنى أن بعضكم لم يقم على بعض.
الثالث : قوله : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) [سورة الليل آية : ١٩] جاء في التفسير أنه عني بلالا مولى أبي بكر رضي الله عنه وأراد أنه لم تكن لبلال نعمة عند أبي بكر يعتقه من أجلها ، وإنما أعتقه لوجه الله ، ويجوز أن تكون الآية فيه وفي غيره ممن يفعل الخير لا ليد يجازي بها ولكنها لله تعالى.