الاستئناس (١)
أصله طلب الأنس ، والإيناس من الرؤية يفيد الأنس بما يراه المؤنس ، ولهذا لا يقال لله تعالى يؤنس كما يقال : أنه يرى.
وجاء في القرآن على وجهين :
الأول : الاستئذان ، قال الله تعالى : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) [سورة النور آية : ٢٧] ونسق التلاوة يدل على أنه أراد الاستئذان ، وهو قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [سورة النور آية : ٥٩].
وقرأ ابن عباس رحمهالله : حتى تستأذنوا ، وقال : غلط الكاتب وإنما سمي استئذانهم استئناسا ؛ لأنهم إذا استأنسوا أنس بعضهم ببعض.
__________________
(١) الأنس : جماعة النّاس ، وهم الإنس. والاناس : جماعة النّاس ؛ وجمع الإنس أيضا ـ بمنزلة إجل وآجال ـ.
وقيل : سمي الإنسان إنسانا لظهورهم وإدراك البصر إيّاهم ، وهو فعلان ، ويصغر : أنيسيان وأنيسيين.
ويقولون : هذه إنسانة للمرأة. وطيّيء تقول في الإنسان : إيسان ـ بالياء ـ ، ويجمع أياسين.
وقوله عزوجل : "(يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)" يريد : يا إنسان. وقوله : "(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ)" أي يا أيّها الناس ، يقال : ما هو من الإنسان : أي من النّاس. وتأنست الأرض : نبتت.
وفي المثل الخاص بأخيه قولهم : " فلان ابن أنس فلان". والإنسان : الأنملة. إنسي القدم : ما أقبل عليك.
وإنسي الإنسان : شقه الأيسر. والأنس : الاستئناس والتّأنس ، وقد أنست بفلان وأنست به ـ بفتح النّون ـ والآنسة : الجارية الطّيبة النفس التي تحب حديثها. ويقولون : كيف أنسك وإنسك ، و" كيف ترى ابن أنسك" أي نفسك ، وقيل : هو خاصته وخليله. ويقال للسلاح : المؤنسات ؛ لأن الرّجل يستأنس بسلاحه.
وآنست فزعا وشخصا وضعفا من مكان : أي رأيت. وكذلك آنست : إذا أحسست شيئا.
والبازي يتأنس : إذا جلّى ونظر رافعا رأسه. والأنيسة : النّار ؛ لأنّها آنس الأشياء ، وقيل : هو من أنها تؤنس أي تبصر.
وموضع مأنوس : فيه إنس والاستئناس : الاستئذان. وتأنّس للشيء : إذا تسمع له. [المحيط في الغة : ٢ / ٢٧٩].