الآخرة
سميت الآخرة آخرة ؛ لأن الدنيا تؤدي إليها ، وآخر الشيء خلاف أوله ، فأوله ما بدئ منه وآخره ما ينقطع عند تمامه.
وقد يجوز مع ذلك أن يجعل أول الشيء آخره ، وآخر الشيء أوله إذ قدر غير التقدير الأول ، وقد استقصينا ذلك في كتاب الفرق.
وآخر الشيء منه كما أن أوله منه ، وليست الآخرة من الدنيا على أنه لو لا الدنيا لم يقل آخره ، وأنثت الآخرة على تأنيث الدار.
وهي في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : القيامة ، قال الله تعالى : (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) [سورة الإسراء آية : ١٠ ، المؤمنون : ٧٤] يعني : القيامة.
الثاني : الجنة بعينها ، قال الله تعالى : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) [سورة البقرة آية : ٢٠٠] أي : ما لهم في الجنة من نصيب ، والخلاق النصيب وسمي خلاقا ؛ لأنه قدر لصاحبه ، وأصل الخلق التقدير وسنذكره ، وقال تعالى : (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) [سورة الزخرف آية : ٣٥] ، وقال : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) [سورة القصص آية : ٨٣] ، ونظير الأول قوله تعالى : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [سورة الشورى آية : ٢٠].
الثالث : جهنم خاصة ، قال : (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) [سورة الزمر آية : ٩] أي : يحذر جهنم.
الرابع : قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) [سورة إبراهيم آية : ٢٧] وجاء في التفسير أنه أراد القبر حين يأتيه منكر ونكير ، ويجوز أن يكون معناه القيامة يثبته الله فيها على الصراط.