______________________________________________________
والعمدة في ذلك : أن الارتكاب إنما أخذ شرطاً للتكليف من جهة أنه رافع للاضطرار ، فلا مانع من ثبوت التكليف معه ، بخلاف الارتكاب غير الرافع للاضطرار ، فإنه إذا فرض غير رافع للاضطرار لا يجدي التقييد به في كون التكليف غير اضطراري ، بل هو على حاله اضطراري فلا يمكن ثبوته.
وعليه فالتقريب المذكور إنما يقتضي المنع من ارتكابهما دفعة لتحقق الارتكاب الرافع للاضطرار فيتحقق معه التكليف كما عرفت ، ولا يمنع من ارتكابهما تدريجاً ، فإنه إذا ارتكب أحدهما ارتفع اضطراره حينئذ فلا يكون ارتكاب الثاني ارتكاباً رافعاً للاضطرار ، فتكون المخالفة فيه احتمالية ، من أجل احتمال كونه النجس ، لا قطعية ، لاحتمال كون النجس هو الذي ارتكبه أولا ، والتكليف باجتنابه منتف ، لعدم تحقق شرطه وهو ارتكاب غيره الرافع للاضطرار كما لا يخفى بالتأمل.
ولازم ذلك وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية إذا اضطر المكلف الى ترك الاحتياط في واحد منها ، لأن رفع اليد عن العمل في غير المقدار المضطر الى ترك العمل فيه مخالفة للتكليف المعلوم ، لتحقق شرطه وهو الارتكاب الرافع للاضطرار ، فلو وجب عليه إعطاء درهم لزيد وتردد زيد بين أربعة أشخاص ، وكان عنده ثلاثة دراهم وجب عليه أن يدفعها إلى ثلاثة منهم من باب الاحتياط ، ويقتصر على المقدار المضطر اليه ، وهو ترك إعطاء واحد منهم فقط ، ولا يجوز له أن يعطي اثنين منهم درهمين ويترك اثنين منهم ، لأن ترك إعطاء أحد الاثنين ارتكاب يندفع به الاضطرار فيثبت التكليف لثبوت شرطه ، فترك إعطاء ثاني الاثنين يحتمل أنه مخالفة للتكليف المنجز فيحرم عقلا ، فلا بد حينئذ من الاحتياط التام في أطراف