النسخ
ثم انه لا بأس بصرف الكلام إلى ما هو الحق في النسخ ، تبعا للاساطين.
فأقول : ان النسخ في اللغة رفع شيء واثبات غيره مكانه ، وتحويل شيء إلى غيره وفي الاصطلاح هو رفع امر ثابت في الشريعة بارتفاع امده وانتهائه ، وان شئت قلت انه البداء في التشريعيات.
وبذلك يظهر ان ارتفاع الحكم الفعلي بارتفاع موضوعه كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان ، ليس من النسخ بشيء ، بل النسخ هو رفع الحكم عن موضوعه المفروض وجوده في عالم التشريع والجعل.
والمشهور بين المسلمين امكانه ، وخالفهم اليهود والنصارى.
وقد استدلوا له : بان النسخ يستلزم احد محذورين ، اما عدم حكمة الناسخ ، أو جهله ، وكلاهما مستحيل في حقه تعالى.
والوجه فيه ان الله تعالى حين ما جعل المنسوخ ان كان عالما بوجود المصلحة إلى الابد فيلزم كون نسخه جزافا وعلى خلاف الحكمة ، وان لم يكن عالما به بل كان جاهلا مركبا يعتقد وجود المصلحة ثم انكشف له عدمها كان جاهلا ولا ثالث.
والجواب : عن ذلك :
اولا : النقض بالتخصيص ، فانه يجرى فيه هذا البرهان فان الشارع الجاعل للحكم على نحو العموم ، ان كان عالما بوجود المصلحة في جميع الأفراد