منهما مشتملا على مقدار من المصلحة ، فحيث انه يستحيل تعلق الأمر ، بكل من النقيضين في زمان واحد ، يكون المؤثر في نظر الأمر احدى المصلحتين على تقدير كونها اهم ، وما فيه المصلحة المهمة لا امر به ، لا تعيينا في عرض الأمر بالمهم ، ولا تخييرا ، ولا بنحو الترتب. اما الأول : فلكونه مستلزما لطلب النقيضين. واما الثاني : فلكونه مستلزما لطلب الحاصل. واما الثالث : فلما عرفت من عدم جريان الترتب في الضدين الذين لا ثالث لهما ، ففي النقيضين اولى بعدم الجريان.
وفيه : ان الفعل والترك وان كانا نقيضين إلا ان ما فيه المصلحة هو الفعل العبادي ، والترك ـ أي ترك الفعل رأسا ـ وهما ليسا نقيضين ، لوجود ثالث لهما ، وهو الفعل غير العبادي.
وعليه فلا مانع من الالتزام بجريان الترتب فيهما وكون الفعل أيضاً مامورا به على تقدير عدم امتثال الأمر بالترك.
مع ، انه لو سلم عدم جريان الترتب في المقام فمن الإجماع القطعي يستكشف وجود الملاك في الفعل فيؤتى به بهذا الداعي فيقع عبادة.
فتحصل ، من مجموع ما ذكرناه ان ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) ـ في هذا القسم من الالتزام بان النهي ارشاد إلى ما في الترك من المصلحة لا انه ناش عن حزازة ومنقصة في الفعل ، لتنافي كونه عبادة ، ومن مداومتهم (عليهمالسلام) بالترك وامرهم اصحابهم به يستكشف اهمية تلك المصلحة عما في الفعل ، وهذا لا
__________________
(١) مطارح الانظار ص ١٣٥.