المقام ، ليس هو الإمكان التكويني ، بل المراد به الإمكان التشريعي ، المقابل للامتناع في عالم التشريع ، إذ المحاذير المذكورة كلها راجعة إلى عالم التشريع ، وإلا فلم يتوهم أحد ترتب محذور تكويني على التعبد بالظن ، وعليه فلا ربط لذلك بالعقلاء كي يقال ان بنائهم على الإمكان.
والحق : ينبغي ان يعد هذا الكلام من الغرائب ، إذ الإمكان والامتناع ليسا أمرين اعتبارين كي يختلف الحال باعتبار شخص دون شخص بل هما أمران واقعيان ، بمعنى ان الخارج ظرف لهما لا لوجودهما ، وإنما الاختلاف يكون من ناحية المتعلق ، وقد يكون المتعلق أمرا تكوينيا وقد يكون تشريعيا ، فالإمكان والامتناع في جميع الموارد بمعنى واحد ، فكما ان بناء العقلاء على الإمكان في التكوينيات يكون بنائهم عليه في التشريعيات.
مع انه لو سلم كون الإمكان التشريعي غير الإمكان التكويني ، لا أرى محذورا في القول بان بناء العقلاء على ترتيب آثار الإمكان في مقام العمل ، وعدم طرح الدليل الدال على التعبد به بمجرد احتمال ترتب محذور عليه في عالم التشريع كما يقال بان بنائهم عليه في الإمكان التكويني ، وكون الأمر في التشريعيات بيد غيرهم لا يصلح للمنع عن ذلك كيف ، وهل يكون الأمر في التكوينيات بيدهم ومربوطا بهم كي يقال انه لا ربط للتشريعيات بهم.
ما توهم لزومه من التعبد بغير العلم من المحاذير
وكيف كان فمن اختار ، استحالة التعبد بالظن وبغير العلم ، أو بطلانه وان لم يكن محالا ، توهم لزوم محاذير من التعبد به.