كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ)(١) ، وقد بين ذلك بقوله فلولا نفر الخ ، كونها واردة لبيان وظيفة جميع المسلمين ، وانه يجب على طائفة منهم التفقه والانذار ، وعلى الباقين التحذر ، فكما انه تكون الآية مطلقة بالنسبة إلى وظيفة المنذرين وانه يجب عليهم الانذار ، افاد قولهم العلم ، أم لم يفد كذلك بكون مطلقة بالنسبة إلى وظيفة المنذرين بالفتح ، وانه يجب عليهم التحذر في كل مورد يجب الانذار لكونه غاية له.
وثالثا : ان ظاهر الآية ترتب وجوب الحذر على الانذار ، فلو اختص وجوب الحذر بصورة حصول العلم كان ذلك مستلزما لالغاء عنوان الانذار إذ التحذر حينئذ تكون للعلم لا للانذار غاية الأمر يكون الانذار من مقدمات حصول العلم.
ورابعا : ان لازم ذلك حمل إطلاق الآية على الفرد النادر إذ ظاهر الآية الشريفة ، بقرينة تقابل الجمع بالجمع ، هو انذار كل واحد من الطائفة ، بعضا من قومه ، كما هو مقتضى طبع الحال ، لا انذار مجموع الطائفة مجموع القوم ، وعليه فإفادة انذاره العلم في غاية الندرة.
وخامسا : انه يستكشف إطلاق وجوب التحذر من إطلاق وجوب الانذار ، لان الانذار واجب على كل احد ، سواء افاد قوله العلم ، أم لم يفد ومع انحصار فائدة الانذار في التحذر ، يكون التحذر واجبا مطلقا ، وإلا يلزم اللغوية احيانا ، كما ان غاية وجوب الانذار لو كان هو التحذر ، فوجوب الانذار لتلك الغاية ،
__________________
(١) الآية ١٢٢ من سورة التوبة.