لو كان مطلقا ، لا محالة يكشف عن إطلاق وجوب الغاية المترتبة عليه ، لاستحالة إطلاق أحدهما ، واشتراط الآخر كما هو واضح.
الإيراد الثاني ما أفاده الشيخ الأعظم (١) أيضاً ، وهو : ان الانذار هو الابلاغ مع التخويف ، والتحذر هو التخوف الحاصل عقيب هذا التخويف ، ومن المعلوم ان التخويف لا يجب إلا على الوعاظ في مقام الايعاد على الامور التي يعلمها المخاطبون بحكمها ، وعلى المرشدين في مقام ارشاد الجاهلين ، ومن المعلوم ان تصديق الحاكى ، فيما يحكيه من لفظ الخبر خارج عن الامرين ، وخبره ان اشتمل على التخويف ، لا يجب على المجتهد العمل به فان فهمه ليس حجة عليه ، وهذا بخلاف المجتهد بالنسبة إلى مقلديه كما لا يخفى.
وفيه : ان قوله تعالى ليتفقهوا في الدين قرينة على ارادة بيان الأحكام من ، ولينذروا لا سيما مع ملاحة ايجاب النفر كما لا يخفى.
وعليه فلا بد وان يحمل الانذار على الانذار الضمني وهو كما يكون بالافتاء بوجوب شيء أو حرمته كذلك يكون بالاخبار باحدهما كما لا يخفى ، فلا وجه لدعوى اختصاص الآية الشريفة بالوعاظ أو المفتين.
الإيراد الثالث ان التفقه اخذ عنوانا في الآية فالموضوع هو الفقيه فهي تدل على حجية انذار الفقيه لا انذار كل راو.
وفيه : ان الفقه في اللغة هو الفهم لا الاستنباط فالمراد بها هو ، تعلم الأحكام الشرعية ، ويؤيده بل يشهد له ، ملاحظة نزول الآية ، أضف إليه ان
__________________
(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١٣٠.