الفرق بين هذه المسألة ومسألة الحظر والاباحة
الأمر الرابع : في بيان الفرق بين هذه المسألة ، ومسألة ان الاصل في الأشياء والافعال هو الحظر أو الإباحة.
وقد افاد المحقق النائيني (١) في مقام الفرق بينهما وجهين :
الأول : ان البحث عن الحظر والاباحة راجع إلى جواز الانتفاع بالاعيان الخارجية ، من حيث كونه تصرفا في ملك الله تعالى ، وسلطانه ، والبحث عن البراءة والاشتغال راجع إلى المنع والترخيص في فعل المكلف من حيث انه فعله ، وان لم يكن له تعلق بالاعيان الخارجية.
وفيه : ان البحث عن الحظر والاباحة لا يختص بالاعيان الخارجية ، بل ما ذكره القوم وجها لكل من القولين ، يعم جميع افعال العباد.
فان القائلين بالحظر ، استدلوا له بان العبد حيث انه مملوك ، لا بد وان يكون صدور الفعل منه عن اذن المولى ومالكه ، فما لم يأذن مالكه إذْناً مالكيا يكون تصرفه خروجا عن ذي الرقية ورسم العبودية ، ويكون تصرفا في سلطان المولى وقبيحا ، ومذموما عليه عقلا.
واستدل القائلون بالاباحة لما اختاروه ، بان الفعل حيث لم يمنع عنه الشارع ، لا شرعيا ، ولا مالكيا ، فهو ليس خروجا عن ذي الرقية ورسم العبودية.
__________________
(١) فوائد الاصول للنائيني ج ٣ ص ٣٢٩ ، إلا أن الوجه الاول هنا عنده الثاني والعكس.