فكان الجزاء المترتب على فعلهم عظيما وقد حرموا أيضا من نعيم الآخرة ولذاتها واستحقوا العذاب العظيم.
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ).
بيان لحقيقة من الحقائق الواقعية التي كشف عنها القرآن الكريم ، وهي سنة من السنن الحكيمة في الاجتماع البشري ، فإنها تدل على السير التكاملي الجاري عليه هذا النظام الأحسن. وتتضمن التوجيه للمؤمنين في ما يدور في نفوسهم إثر كل انتصار للباطل على الحق في الظاهر كما انها توجه الحديث إلى الكفار لتنذرهم بعدم الاغترار بما يحرزونه من النصر الظاهر المؤقت وما يمليه لهم الله تعالى عليهم من انواع نعمه في الاعمار والأولاد والأموال فان ذلك ليس لأجل عناية خاصة من الله تعالى بهم ، بل انما هو سنة جارية في الخلق فلا يعتبروه خيرا لكل واحد منهم بحسب نفسه ولا يضمرون في نفوسهم الخبيثة بأنهم خير من المؤمنين ، أو ان الباطل الذي هم عليه خير من الحق ففي الواقع يكون الإملاء سببا لاسترسالهم في الغي والضلال والفجور وعلة لغرورهم فتزيد آثامهم وجرائمهم لتكون خاتمة اعمارهم وأعمالهم العذاب المهين فان العبرة بالخواتيم لا بالمبادي ، فالآية الشريفة قطع لأعذار المبطلين ، وازالة لكل وهم وحديث نفس من البين ، فان ما املى الله تعالى به لكل فرد لا بد ان يصرف في التوجه إلى المحبوب الحقيقي والمطلوب الواقعي حتى يصل إلى الدرجة العالية من الكمال والحياة الابدية والنعم السرمدية ، وان غير ذلك يكون وبالا على صاحبه وغيّا وضلالا فاملاء الله تعالى للكافرين والعصاة انما يكون وفق