يؤتون خيرا مما أوتوه في الدنيا قال تعالى : (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) الكهف ـ ٣٦.
وقد بين عزوجل في موضع آخر ان هذا الاستدراج من كيده المتين ، قال تعالى : «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» الأعراف ـ ١٨٣ فاعتبر عزوجل أن ذلك الاستدراج من جزاء الكيد الذي اراده الكافرون لله وللمؤمنين فهو يسوقهم به الى ازدياد الإثم الموجب لاستحقاق العذاب المهين ولا يخرج جميع ذلك عن سنة متقنة جارية في الحياة وهي سنة التكميل وابتلاء المؤمنين وتمييز الخبيث من الطيب ، قال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) آل عمران ـ ١٨٦ هذه هي الحقيقة في استدراج الكافرين وبيان الواقع في إملاء الله تعالى لهم في الأموال والأولاد.
الخامس : يستفاد من التفنن في وصف العذاب في المواضع الثلاثة ـ بين عظيم واليم ومهين ـ ان كل وصف يناسب مضمون الآية التي ورد فيها الوصف ، ففي المسارعة في الكفر يكون العذاب عظيما لان الكفر قد خلب لبهم واستولى على جميع احاسيسهم ، واشتد تسرعهم فيه ، فكان ذلك عظيما وكان الجزاء كذلك ايضا.
وفي اشتراء الكفر بالإيمان يكون العذاب أليما لأنهم تركوا الإيمان ورغبوا في الكفر بسوء اختيارهم فإنهم بعد معرفتهم حقيقة الحال لا بد من تألمهم كما يتألم المشتري المغبون إذا عرف مقدار الغبن الكبير ولا محيص عن دفعه عنه.
وفي الإملاء للكافرين يكون العذاب مهينا فإنهم كانوا يتجبرون بما