التفسير
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ).
تحريض على بذل المال في سبيل الله تعالى بعد التحريض على بذل النفس في الجهاد ، وتوكيد لما ذكره عزوجل آنفا من إملاء الكافرين ببيان اظهر مصاديقه وهو الإملاء بالمال ، فيكون حال الذين يبخلون بالمال وعدم إنفاقه في سبيل الله تعالى كحال الذين املى لهم الله تعالى وكلا الفريقين يعيش في الوهم والخيال وواقع في أعظم الشر في الحقيقة وبيان لحال البخيل وسوء عاقبته وتخطئة لما يتوهمه هو واهله من دعوى الخيرية ببيان حال الدنيا ، وهي ان جملة من معتقداتهم التي يهتمون بها ويرتبون الآثار عليها تكون وزرا عليهم ووبالا في دار القرار ونظير هذه الآية قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) البقرة ـ ٢١٦ فالبخيل عن انفاق المال في سبيل الله تعالى وان كان يجمع المال وهو خير بحسب الظاهر له ولكنه طوق ثقيل يحمله الإنسان في عنقه في الواقع ويظهر ذلك يوم ظهور الحقائق قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) التوبة ـ ٣٥.
الآيات الشريفة المتقدمة صريحة في تجسم الأعمال كما دلت