عليه الادلة العقلية والنقلية ، والتجسيم يحصل بعمل نفس الإنسان وإعداده له كما تدل عليه هذه الآية. على ان الغنى والمال انما هو من فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء من عباده وفعل المكلف في ذلك انما يكون مقتضيا فيترتب عليه اثر فعله لا اثر فضله جلت عظمته.
قوله تعالى : (بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
فيه كمال الاحتجاج على الباخلين ، وفيه التوبيخ والذم لهم فان ما يبخلون به إنما هو من عطاء الله تعالى وفضله ، والآية الكريمة لا تختص بنوع معين فان عموم قوله تعالى : (بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) يشمل المال والعلم والجاه وكل فضل من الله تعالى يمكن ان ينتفع به الناس فان الامتناع عن بذله والبخل به يكون مرجوحا وتشمله الآية المباركة وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «من سئل عن علم فكتمه ألجم من نار».
قوله تعالى : (هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ).
بيان لواقع الحال في ان ما توهموه خيرا انما هو في الحقيقة شر لان ما زعموه في وجه الخيرية في البخل هو حفظ المال لمنافعهم وشؤونهم وهذا في مقابل الشر العظيم المترتب على ذلك عدم محض ، وهو يكشف عن رذيلة خلقية وهي رذيلة الشح وسوء الظن بالله العظيم ، وينبئ عن فسق صاحبه لان فيه خسة المعصية وبعده عن مكارم الأخلاق لأنه يخسر فضيلة الطاعة وحسن السماحة والرحمة ، والإعانة للضعيف ، والتكافل الاجتماعي ، مضافا إلى انه موجب للحرمان عن الثواب الجزيل المترتب على البذل والعطاء في سبيل الله تعالى ولعله لأجل ذلك جاء النص على كونه شرا مبالغة فيه ودفعا لكل توهم في قوله تعالى :