فأكده عزوجل بالتأكيد القسمي على السماع وترتب الجزاء على ما سمع.
قوله تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ).
تأكيد آخر. اي : نحفظ ما قالوا ونثبته في صحائف أعمالهم لوصول جزائهم إليهم ، كما أثبتنا قتلهم الأنبياء بغير حق علما منهم بأنهم أنبياء وظلما وعدوانا عليهم.
وانما قرن بين قولهم وفعلهم لتثبيت شناعتهما من كل جهة ولبيان فساد كل واحدة منهما والمراد بالكتابة هو الحفظ لأجل الجزاء عليه والسين للتأكيد والخطاب يدل على عظم ما قالوه.
وفي نسبة القتل الى الحاضرين منهم إما لأجل رضائهم بفعل السلف أو لان الامة تستوي في التكافل الاجتماعي وانهم على حد سواء في الأمور العامة التي لا بد من الالتزام بها ومراعاتها ، والاعتراض على من أنكرها ، ومن تلك الأمور الإنكار على فاعل المنكر من افراد تلك الأمة ، والا كانوا متساوين في الجريمة واستحقاق العذاب وقد تقدم في سورة البقرة ما يتعلق بذلك أيضا فراجع وفي الحديث عن الصادق (عليهالسلام) : «ان بين القائلين ان الله عهد إلينا ـ وهم الذين قالوا : ان الله فقير ونحن اغنياء ـ وبين القاتلين للأنبياء خمسمائة عام ، فألزمهم الله القتل برضاهم بما فعلوا».
أقول : لعل التقدير بالخمسمائة من باب المثال للكثرة.
قوله تعالى : (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ).
الذوق معروف وهو ما يكون باللسان لمعرفة طعم الطعام وأصله في ما يقل تناوله دون ما يكثر ثم اتسع استعماله لإدراك سائر المحسوسات والحالات يقال : ذاق الأمرّين إذا وقع في الشدائد وكابد أحوالها