وقاسى آلامها. وقال بعضهم : إن كلمة (ذق) تستعمل لمن آيس عن العفو ، وهي تؤذن بأن ما هم فيه من العذاب والهوان يعقبه ما هو أشد من ذلك وادهى.
والحريق إما بمعنى المحرق فتكون اضافة العذاب اليه بيانية أو تكون الاضافة للسبب لتنزيله منزلة الفاعل فيقال عذاب الحريق النار أو اللهب.
والانتقام بهذا القول لبيان ان العذاب قد تحقق ووجد ولا يمكن الخلاص منه وهو ينبئ عن كمال الغضب.
وفي الآية الشريفة وجوه تدل على المبالغة في الوعيد والشدة في العذاب ، فقد ذكر فيها القول ، والعذاب ، والحريق ، والذوق.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ).
الاسم (ذلك) إشارة الى العذاب الذي نزل منزلة المحسوس المشاهد لتحققه ولتهويل الأمر وتعظيم شأنه في الفظاظة. والباء للسببية.
والمراد بالأيدي الأنفس والأشخاص ، وانما ذكرت لأنها آلة للتقديم غالبا ولبيان ان ذلك مما جنته أيديكم وأنتم تتحملون مسؤوليته فتفيد النسبة إلى يد الفاعل الصاق العمل بعامله وتمام مسؤوليته عليه ما لا يفيد غيرها ذلك.
والمعنى : ان ذلك العذاب انما هو بسبب ما قدمتم من العمل وهو الجزاء المختص لهذه النفوس الآثمة الوقحة على الله تعالى ورسله.
قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
تعليل لجميع ما تقدم اي : ان ذلك العذاب والكتابة والحفظ لأجل ان الله تعالى ليس بظلام للعبيد ، ويستفاد منه انه لو لم يكن ذلك الحفظ والجزاء لكان إهمالا لقانون الجزاء المبني عليه النظام