الأحسن ، ونفي الظلم الكثير حسب تعدد الأعمال والجزاء فيكون ظلاما كما أن نفي الظلم عنه عزوجل يستلزم اثبات العدل فيه فهو عدل في حكمه وفعله وجزائه وعذابه.
وهيئة «ظلام» تأتي اما للنسب كعطار ، أو للمبالغة ، وكلاهما صحيح في المقام اما الاول اي لا ينسب اليه ظلم أصلا لأن من كان على نهاية الكمال والعظمة وكانت كل صفة فيه في أعلى مراتب الكمال لا يعقل الظلم بالنسبة اليه لان الظلم يستلزم النقص والمفروض انتفاؤه فيه جلّ شأنه فلو كان سبحانه وتعالى ظالما كان ظلاما.
واما الثاني فلان المنفي عنه الظلم الكثير فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان لقليله مع قلة نفعه اكثر تركا وأشد امتناعا. وتقدم آنفا انه يمكن ان يكون التكثير والمبالغة لأجل تعدد الأعمال والجزاء.
ومن ذلك يعلم انه لا وجه للاشكال بأن نفي الظلم ابلغ من نفي الاكثرية لان الأخير لا ينفي أصله ، بل ربما يشعر بوجوده. وأنت بعد الاحاطة بما ذكرناه تعلم الجواب عنه فان التعبير بالكثرة لبيان ان ساحته تبارك وتعالى منزهة عن اي ظلم وانه بلغت نزاهته الى حد الكمال ولشدة كماله وتماميته كان الظلم القليل يعد بالنسبة اليه ظلما كثيرا فيصير ظلّاما فكماله المطلق يوجب عدم ثبوته له مطلقا.
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ).
الجملة في موضع خفض بدلا من الذين في الآية الكريمة المتقدمة أو نعتا له. والمراد بالعهد هو الأمر والتوصية.
والآية الشريفة تبين زعما آخر من مزاعم اليهود الفاسدة ، فقد