في الموضع المناسب تفصيل الكلام في هذه الرذيلة الخلقية ان شاء الله تعالى.
الثاني : يدل قوله تعالى : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) على تجسم الأعمال وقد دلت عليه الادلة العقلية والنقلية كما عرفت. ولم يبين سبحانه الطوق الذي يتمثل لهم يوم القيامة في هذه الآية الشريفة لتهويل الأمر ، ولاختلافه باختلاف درجات البخل وكمية ما بخل به وسائر خصوصياته وقد ورد في بعض الأحاديث «يطوق ماله شجاعا اقرع» ولعله في مقام بيان احد المصاديق ،
الثالث : يدل قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ان كل ما يعطاه الإنسان من مال وجاه وقوة وفضل وعلم بل كل ما في الأرض والسموات عرض زائل لا يبقى وصاحبه يفنى ولا وجه للبخل به واستبقاء ما هو فان وزائل ، وعليه ان يقرضه الى من يبقى ملكه ويدوم وان يبذله في المواضع اللائقة له وما أمره الله تعالى به وما هو مطلوب منه وبذلك قد أدرك رضاء الله تعالى فيكون محسنا والله يحب المحسنين.
الرابع : يدل قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) على ان القائلين بهذه المقالة قد اجتمع فيهم من صفات السوء وخصال الشر ما لم تجتمع في غيرهم من سوء ادب مع الله تعالى والجرأة عليه وتكذيب الرسل والبخل وقتل الأنبياء ، ومعاندة الحق.
والآية الشريفة تعدد تلك الخصال وتبين جرائمهم وتندد بها وتوعد عليها وتقلل من شأن المتصفين بها في نفوس المؤمنين.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) ان الرضا بالمعصية معصية فمن رضي بقتل الأنبياء بغير حق من متأخري اليهود يكون مع المتقدمين الذين وقع القتل على أيديهم على حد سواء