في المعصية وهم مشتركون في الجزاء والعذاب الحريق. ويدل عليه قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) فكأن تلك الأفعال المنكرة قد حصلت منهم جميعا مباشرة مع العمد. ويرشدنا الله تعالى في مثل هذه الآيات إلى النظر في افعال المتقدمين والعبرة منها واستحسان ما استحسنوه وتقبيح ما فعلوه من القبائح والا كانوا شركاء معهم في الإثم.
السادس : يمكن ان يستفاد من قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ان كثرة الظلم انما هو من جهة كثرة ما يجزى على المعاصي الصادرة من العبيد فيكون التعدد والكثرة بحسب تعدد المتعلق وقد تقدم في التفسير وجه آخر فراجع.
ويستفاد منه انه لا يمكن ان ينسب الظلم اليه تعالى لفرض انه الذات المستجمعة لجميع الكمالات الواقعية والادراكية ومسلوب عنه جميع النقائص الواقعية والادراكية والظلم نقص واي نقص أشد منه فيمتنع ان ينسب اليه والا كان خلفا. وهذا البرهان يأتي في كل النقائص الواقعية والادراكية ولا يختص بالظلم فقط.
ومن الآية الشريفة يستفاد بطلان فلسفة اليهود والنصارى واشتمالها على امور لا تطابق العقل وفسادها أوضح من أن يخفى مع ان الفلسفة الاسلامية قد فتحت عليهم ابوابا من المعارف والحقائق ولكنهم اعرضوا عنها وحرفوا الكلم عن مواضعه.
السابع : يدل قوله تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) على كمال الحفظ لما فيه من أمن النسيان ، وفيه من التوعيد ما لا يكون في غيره. وقد شاع استعمال لفظ الكتابة في التوعيد على الذنب وارادة العقوبة عليه.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) ان الرسل انما بعثوا بهذه الأمور الثلاثة : البينات