الله الداعين اليه المستمدين علومهم من قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) البقرة ـ ٢٨٢ واما سيد الأنبياء وخاتمهم فمقامه الجمع الجمعي من أجل المقامات وأعلاها ففي كل آن له سفران سفر من الخلق إلى الحق المطلق لأن يأخذ منه الكمالات المعنوية التي بها يربّي العباد تربية حقيقية كاملة ، وسفر من الحق إلى الخلق لتربية النفوس المستعدة ، وأسفاره الجسمانية وان كانت محدودة ولكن أسفاره الروحانية لا تعد ولا تحصى كيف وهو (صلىاللهعليهوآله) يقول : «أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ربي» بل قول خليل الله : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء ـ ٨٠ يدل على ان لهم صلوات الله عليهم عالما خاصا غير ما نحن فيه وان كانوا يشتركون معنا في كثير من الأمور.
والآيات الشريفة التي تقدم تفسيرها تدل على ما ذكرناه فهو (صلىاللهعليهوآله) مظهر الرحمة الإلهية واخلاق الله تعالى ؛ كما انه بشر كسائر البشر وقد أمر بأن يخالط الناس ويتشاور معهم.
الثاني : الآيات الشريفة تدل على ان الرحمة واللين مع الخلق والتودد معهم والرحمة لهم من أجلّ صفات الله تعالى فأفاضها على نبيه (صلىاللهعليهوآله) فصارت من سيرته (صلىاللهعليهوآله) كما ان العفو عنهم ، والاستغفار لهم ، والمشاورة معهم كانت كذلك والله سبحانه وتعالى راض عن فعله.
الثالث : يتضمن قوله تعالى : «وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ـ الآية ـ» على شروط التوكل على الله تعالى وهي المخالطة مع الناس بأحسن وجه وتهيئة الأسباب والمقدمات والمشاورة معهم وتبيين الوجه الصحيح