قوله تعالى : (يَوْمَ الْقِيامَةِ).
القيامة مصدر ويوم القيامة هو وقت قيام الناس لرب العالمين من القبور والأجداث وانما خصه عزوجل بالذكر لبيان انه مهما نال الإنسان من الأجر فان التوفية انما تكون في ذلك الوقت وللاعلام بأن الأجور فيه هي الأجور الحقيقية التي يستحق الإنسان ان يسعى إليها دون ما يتمتع في الحياة الدنيا فإنها ناقصة فانية ، فيستوفي الجميع أجورهم اما الكفار والمنافقون فيأخذون جزاء أعمالهم وافيا من دون عفو ومغفرة من الله تعالى وأما المؤمنون فإنهم يستوفون جزائهم في الأجر الذي يعطيهم الله تعالى كاملا وأما جزاء السيئات فهو في معرض المسامحة والغفران.
قوله تعالى : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ).
تفصيل لتوفية الأجر بعد الإجمال. والزحزحة تكرير الزح وهو الجذب بعنف وعجلة.
وهذه الآية الشريفة بعبارتها البليغة الموجزة واسلوبها الجذاب لها الأثر العظيم في نفوس المؤمنين والوقع الكبير عليهم فان عندها تسكب العبرات وتحل المخاطر والمهالك وتزل فيها أقدام الرجال وتحط دون الوصول إليها الرحال ويشيب في تصور معناها الصغير ويهرم الكبير ، فهي تبين هول النار وشدتها وانها تجذب الإنسان إليها بعنف فيحتاج الى الجهد الكبير للابتعاد عنها والفك من قيودها ، وتستوقفنا كلمة (زحزح) فإنها تدل على شدة البلاء والجهد الكبير والمشقة العظيمة التي لا بد منها في الابتعاد عن النار ، فكأن لكل فرد جذورا عميقة في النار لا يمكن بسهولة قلعها إلا مع الزحزحة ببذل جهد عظيم ،