سرته حسنة وسائته سيئة فهو مؤمن» والآية الشريفة لا تختص بطائفة خاصة بل هي تشمل كل من كان فعله مخالفا للواقع إذا فرح بما فعل.
الثاني عشر : يستفاد من قوله تعالى : (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) ان حب محمدة الناس أمر فطري لا يسع لاحد إنكاره ، وان المذموم منها هو ما إذا لم يكن عن سبب ومنشأ صحيح عقلائي في البين فانه يكشف عن غرور صاحبه وجهله بالواقع واعتماده على النفس الامارة ، ويستفاد من قوله تعالى : (بِما لَمْ يَفْعَلُوا) ان كل فعل إذا لم يكن مرضيا لله تعالى ولم يكن مطابقا لقواعد الشرع ، فلا أثر يرجى منه ولا فائدة فيه. فلا موجب للمحمدة بالنسبة اليه فما يصدر من الكافرين والمنافقين وأصحاب الأهواء الباطلة وغيرهم من الأفعال ولم تكن مطابقة للشريعة المطهرة ومرضية عند الله تعالى فان حب المحمدة من الناس عليها باطل ولا وجه لها ، لأنه لم يصدر منهم شيء يستحق عليه المحمدة وأما إذا كان ذلك بالحق وفي الحق ، فلا ذم فيه. وفي الحديث : «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق» وهو يدل على ان مطلق الثناء على الأفعال الحسنة ممدوح بل هو من حمد الله تعالى ، ويمكن ان يكون هذا وجها آخر في استعمال لفظ الحمد في المقام حيث اعتبروا حمدهم من حمد الله تعالى وهو عزوجل أبطل مزاعمهم وبيّن انه إذا كان بالحق وفي الحق فانه من حمده عزوجل.
الثالث عشر : يدل قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) على ان الخصال المذمومة والملكات الرذيلة سبب للدخول في العذاب وعدم نجاتهم منه فلا بد للإنسان من السعي لتهذيب النفس عنها وجعلها مرآة لمكارم الأخلاق لتجلى اخلاق الله تعالى فيها فان في ذلك الفوز والسعادة.