فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥))
الآيات الشريفة من جلائل الآيات واعاظمها التي تدعو الناس إلى التفكر والتدبر والتذكر ، وترشد المؤمنين إلى أهم طريق من طرق السير والسلوك وتعلمهم التربية الحقيقية وهي تطبيق المشاعر الايمانية في سلوك عملي وإبرازها في عمل واقعي.
وسياق الآيات المباركة يدل على انها نزلت من العرش العظيم على قلب الرسول الكريم ، وهي تحكي الارتباط التام بين العابد والمعبود وعنايته بالعابد ، فإذا اعترف في مقام عبوديته بالقصور والتقصير والتسليم للمعبود تجلّى له بكل ما يطلبه ويبغيه.
والعناية الظاهرة في قوله جلت عظمته (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) مما لا يمكن ان يظهر بلسان وان جذبات المحبوب لحبيبه في هذه الآيات متوالية ، ولو لم يكن لمقام العبودية إلا هذا المقام لكفاه فخرا وعزا.
وقد مدح عزوجل أولي الألباب الذين يذكرون الله تعالى ويتفكرون في خلقه ويسلّمون أمرهم اليه سبحانه وتعالى ويقرون له بالطاعة والعبودية فهم عباد ربانيون لا يفترون عن ذكر الله تعالى في جميع حالاتهم قياما وقعودا وعلى جنوبهم يرجون رحمته وما وعدهم الله تعالى على لسان رسله.