والألباب جمع اللب وهو خالص كل شيء يقال لب يلبّ مثل عضّ يعض وهذه لغة اهل الحجاز واهل نجد يقولون لبّ يلب على وزن فرّ يفر وفي الحديث : «ان الله منع بني مدلج لصلتهم الرحم وطعنهم في الباب الإبل» اي خالص ابلهم وكرائمها. ولب العقل ما خلص عن شوائب الأوهام مطلقا.
وقد ورد لفظ اولي الألباب في القرآن الكريم في ما يقرب من ستة عشر موضعا كلها مقرونة بالمدح والثناء والتعظيم ، فقد عرفهم عزوجل بأنهم اصل الهداية والايمان بالله تعالى ، والتقوى والطاعة ، والخضوع ، والانابة اليه عزوجل ، وهم الذين يتبعون احسن القول وهم اهل الذكر والتذكير والتفكر.
وقد وصفهم تعالى في الآيات التالية بالصفة التي تميزهم ولا يبقى مجال إلى تفسير آخر فهم الذين يذكرون الله تعالى في جميع الحالات لا يفترون عن ذكره وهم عباد ربانيون مرتبطون مع عالم الغيب بكل معنى الارتباط علما وعملا وقولا وفكرا وقلوبهم متعلقة به يرجون رحمته ويخافون عذابه.
وانما خص اولى الألباب لأنهم لا يقصرون نظرهم على الماديات والمظاهر الخارجية فقط ولا يوصدون قلوبهم عن الغوص في أعماق الموجودات بل يتفكرون ويتدبرون ويستفيدون منها ، فهم يلتفتون بقلوبهم وعقولهم إلى ما في ذلك من الوجوه والحكم الدالة على الوحدانية والحكمة والعلم والقدرة.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ).
وصف بليغ لأولى الألباب ، وشرح لأحوالهم شرحا وافيا فقد