وإنما أكدوا ايمانهم بإيراد لفظ الايمان ومشتقاته ثلاث مرات ليؤهلهم الى الفيض الربوبي ، ولبيان ان الايمان شغلهم الشاغل وانهم احبوه وقد ملأ مشاعرهم.
وذكرهم للرب حثا منهم له عزوجل بالعطف عليهم لأنهم عبيد مربوبون له عزوجل.
وانما اسرعوا الى الايمان بمجرد ان سمعوا المنادي ينادي للايمان بالله تعالى لأنهم رأوا آثار عظمته في الخلق بعد النظر والتفكر.
قوله تعالى : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا).
زيادة في التضرع وتوجه منهم الى الله تعالى بالدعاء لطلب المغفرة والتكفير للسيئات لأنهم آمنوا بالله تعالى ورسله الذين يخبرون عن الله عزوجل بما يوجب سعادتهم ويحذرونهم عن ما يوجب سخطه وعقابه وشقائهم فاعترفوا بالقصور والتقصير والرهبة مما يصدر منهم من الذنوب داعين ـ عند من لا يعقل حد لعظمته ورحمته ـ المغفرة للذنوب والتكفير للسيئات.
والغفران للذنوب يحصل بالتوبة والاستغفار عنهما بخلاف التكفير للسيئات فانه ربما يحصل بإتيان الحسنات قال تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) هود ـ ١١٤ أو باجتناب الكبائر قال تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) النساء ـ ٣١ فيكون التكفير للسيئات أعم من الاستغفار لها.
والمعنى وفقنا للتوبة عن الذنوب والسيئات إما بالاستغفار أو بفعل ما يوجب التكفير عن السيئات.